فقوله : (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) تتميم وقوله (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تتميم ثان في غاية البلاغة ، فبذكر هذين التتميمين تم معنى الكلام وجرى على الصحة. ولو حذف أحدهما أو كلاهما لنقص معنى الكلام واختل حسن البناء.
ومنه قول الرسول عليهالسلام : «ما من مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة من غير الفرائض إلا بنى الله له بيتا في الجنة».
ففي هذا الحديث وقع التتميم في أربعة مواضع هي : قوله «مسلم» وقوله «الله» وقوله «كل يوم» وقوله «من غير الفرائض». فحذف أي من هذه التتميمات ينقص من معنى الحديث الشريف ويقلل من قيمته البلاغية.
ومما ورد فيه التتميم المعنوي للاحتراس من النثر قول أعرابية : «كبت الله كل عدو لك إلا نفسك» فبقولها : «نفسك» تمّ الدعاء ؛ لأن نفس الإنسان تجري مجرى العدوّ له ، يعني أنها تورّطه وتدعوه إلى ما يوبقه ويهلكه.
ومن أمثلته شعرا قول عمرو بن برّاق :
فلا تأمنن الدهر حرا ظلمته |
|
فما ليل مظلوم كريم بنائم |
فقوله : «كريم» تتميم ؛ لأن اللئيم يغضي على العار ، وينام عن الثأر ، ولا يكون منه دون المظالم تكبّر.
ومنه أيضا قول طرفة :
فسقى ديارك غير مفسدها |
|
صوب الربيع وديمة تهمي |
فقوله : «غير مفسدها إتمام للمعنى بالاحتراس والتحرز».