ويورّى عنه بالمعنى القريب ، فيوهم السامع أول وهلة أنه يريد القريب وليس كذلك. ولهذا سمي هذا النوع إيهاما.
* * *
أنواع التورية :
والتورية أربعة أنواع : مجردة ، ومرشحة ، ومبيّنة ، ومهيّأة.
١ ـ التورية المجردة : وهي التي لم يذكر فيها لازم من لوازم المورّى به ، وهو المعنى القريب ، ولا من لوازم المورّى عنه ، وهو المعنى البعيد.
وأعظم أمثلة هذا النوع قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فكلمة التورية هي (اسْتَوى) والاستواء ، كما يقول الزمخشري ، على معنيين : أحدهما الاستقرار في المكان ، وهو المعنى القريب المورّى به غير المقصود ، والثاني الاستيلاء والملك ، وهو المعنى البعيد المورّى عنه ، وهو المراد ، لأن الحق سبحانه منزّه عن المعنى الأول. ولم يذكر من لوازم هذا أو ذاك شيء ، فالتورية مجردة بهذا الاعتبار.
ومن هذا النوع قول النبي صلىاللهعليهوسلم في خروجه إلى بدر ، وقد قيل له : ممن أنتم؟ فلم يرد أن يعلم السائل ، فقال : «من ماء» ، وأراد : أنا مخلوقون من ماء. فورّى عنه بقبيلة من العرب يقال لها : ماء.
ومن ذلك قول أبي بكر الصديق في الهجرة عند ما سأله سائل عن النبي قائلا : «من هذا؟» فقال أبو بكر : «هاد يهديني». أراد أبو بكر هو هاد يهديني إلى الإسلام فورّى عنه بهادي الطريق الذي هو الدليل في السفر.
ومنه شعرا قول القاضي عياض في سنة كان فيها شهر كانون معتدلا فأزهرت فيه الأرض :