هو ما يسقط آخر الليل من بلل ومطر خفيف ، بدليل التمهيد له بذكر الطير والتغريد والوقوع ، ومعناها البعيد هو الجود وهذا هو الذي أراده الشاعر.
وقوله أيضا :
أبيات شعرك كالقص |
|
ور ولا قصور بها يعوق |
ومن العجائب لفظها |
|
حرّ ومعناها «رقيق» |
والتورية في هذا المثال هي كلمة «رقيق» ولها معنيان : أولهما قريب ظاهر غير مراد ، وهو العبد المملوك ، وسبب قربه وتبادره إلى الذهن ما سبقه من كلمة «حر» ، والمعنى الثاني بعيد وهو اللطيف السهل الدّمث من المعاني. وهذا هو الذي يريده الشاعر بعد أن ستره وأخفاه في ظل المعنى القريب.
ومما ورد منها في القرآن الكريم قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ)(١). فلفظة التورية في الآية الكريمة هي (جَرَحْتُمْ) ولها معنيان : أولهما قريب ظاهر غير مراد وهو إحداث تمزّق في الجسم ، والثاني بعيد خفي مراد وهو ارتكاب الذنوب واقترافها.
ومن الأمثلة السابقة تتضح حقيقة التورية وأنها تتمثل دائما في لفظ مفرد له معنيان : قريب ظاهر غير مراد ، وبعيد خفي هو المراد.
ومن الأمثلة السابقة تتضح حقيقة التورية ، وأن القصد من لفظ التورية أن يكون مشتركا بين معنيين : أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة ، والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية ، فيريد المتكلم المعنى البعيد
__________________
(١) جرحتم : أصل معنى الجرح إحداث تمزق في الجسم ، ولهذا سميت السباع جوارح لأنها تجرح.