والثاني : أن المطابقة لا تكون إلا بالأضداد ، على حين تكون المقابلة بالأضداد وغير الأضداد ، ولكنها بالأضداد تكون أعلى رتبة وأعظم موقعا ، نحو قوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ).
فانظر إلى مجيء الليل والنهار في صدر الكلام وهما ضدان ، ثم قابلهما بضدين : هما السكون والحركة على الترتيب ، ثم عبر عن الحركة بلفظ مرادف فاكتسب الكلام بذلك ضربا من المحاسن زائدا عن المقابلة ؛ ذلك أنه عدل عن لفظ الحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل ، لكون الحركة تكون لمصلحة ولمفسدة ، وابتغاء الفضل حركة المصلحة دون المفسدة.
ومن أمثلة هذا النوع أيضا قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ). فقد أتى في كل صدر الكلام وعجزه بضدين ، ثم قابل الضدين في صدر الكلام بضدين لهما في العجز على الترتيب.
أنواع المقابلة :
والمقابلة تأتي على أربعة أنواع على النحو التالي :
١ ـ مقابلة اثنين باثنين : نحو قوله تعالى : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ،) ونحو قوله عليهالسلام : (إن لله عبادا جعلهم مفاتيح الخير مغاليق الشر) ، وقوله أيضا للأنصار : (إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع). وكقول رجل يصف آخر : «ليس له صديق في السر ولا عدو في العلانية».
ومن مقابلة اثنين باثنين في الشعر قول النابغة الجعدي :
فتى كان فيه ما يسر صديقه |
|
على أن فيه ما يسوء الأعاديا |