رجل واحد في صف من تلك الصفوف فذهبت إليه ووقفت فيه ، فقال رجل من الحاضرين:هل رأيت المهدي عليهالسلام؟ فعند ذلك سكت السيّد وكأنّه كان نائما ثمّ انتبه ، فكلّما طلب منه تمام المطلب لم يتمّه (١).
الحكاية الثامنة عشرة : وفيه عن السيّد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في ترجمة آية الله العلّامة الحلّي : أنّ من جملة مقاماته العالية أن بعض علماء أهل السنّة ممّن تلمذ عليه العلّامة رحمهالله في بعض الفنون ألف كتابا في ردّ الإمامية وأخذ يقرأه للناس في مجالسه ويضلّهم ، وكان لا يعطيه أحدا خوفا من أن يردّه أحد من الإمامية ، فاحتال رحمهالله في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تلمذته عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية فالتجأ الرجل واستحيى من ردّه وقال : إنّي آليت على نفسي أن لا أعطيه أحدا أزيد من ليلة فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان ، فأخذه منه وأتى به إلى البيت لينقل منه ما تيسّر منه ، فلمّا اشتغل بكتابته وانتصف الليل غلبه النوم فحضر الحجّة وقال عليهالسلام : ناولني الكتاب وخذ في نومك فانتبه العلّامة وقد تمّ الكتاب بإعجازه عليهالسلام.
وظاهر عبارته يوهم أنّ الملاقاة والمكالمة كان في اليقظة وهو بعيد ، والظاهر أنّه في المنام. وعن مصنّفات الفاضل الألمعي علي بن إبراهيم المازندراني وبخطّه كان معاصرا للشيخ البهائي رحمهالله ، وهكذا الشيخ الجليل جمال الدين الحلّي كان علامة علماء الزمان إلى أن قال : وقد قيل إنّه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه وكان هو يأبى عليه ، وكان كتابا كبيرا جدّا فاتّفق أن أخذه منه مشروطا بأن لا يبقى عنده غير ليلة واحدة ، وهذا كتاب لا يمكن نسخه إلّا في سنة أو أكثر ، فأتى به الشيخ رحمهالله فشرع في كتابته في تلك الليلة فكتب منه صفحات وملّه ، وإذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز فسلّم وجلس ، ثمّ قال : أيّها الشيخ أنت مصطر لي الأوراق وأنا أكتب ، فكان الشيخ يمصطر له الورق وذلك الرجل يكتب وكان لا يلحق المصطر بسرعة كتابته ، فلمّا نقر ديك الصباح وصاح وإذا الكتاب بأسره مكتوب تماما. وقد قيل إنّ الشيخ لما ملّ الكتابة نام فانتبه فرأى الكتاب مكتوبا (٢).
الحكاية التاسعة عشرة : ذكر المحدّث الفاضل الميثمي في كتابه دار السلام عن السيّد
__________________
(١) جنّة المأوى : ٢٤٠ الحكاية الرابعة عشرة.
(٢) جنّة المأوى : ٢٥٥ الحكاية الخامسة والعشرون.