الريحان الثاني
في خطبة خطبها في الكوفة المعروفة
بخطبة البيان أيضا
عن دار المنتظم في السرّ الأعظم لمحمد بن طلحة الشافعي وهو من أكابر علماء أهل السنّة وقد ثبت عند علماء الطريقة ومشايخ الحقيقة بالنقل الصحيح والكشف الصريح أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه قال على المنبر بالكوفة وهو يخطب :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها ، وساطح المدحيات ووازرها وموطد الجبال وقافرها (١) ومفجّر العيون ونافرها (٢) ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزيّن السماء وزاهرها ومدبّر الأفلاك ومسيّرها ومقسّم المنازل ومقدّرها ومنشئ السحاب ومسخّرها ومولج (٣) الحنادس ومنوّرها ومحدث الأجسام ومقرّرها ومكوّر الدهور ومكدرها ومورد الامور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبّرها ومحيي الرفات وناشرها ، أحمده على آلائه وتكاثرها وأشكره على نعمائه وتواترها ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تؤدّي إلى السلامة ذاكرها وتؤمن من العذاب ذاخرها وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها أرسله إلى أمّة قد شفر بعبادة الأوثان شاعرها واغلنطس بضلالة عبادة الأصنام ماهرها ويفحم بحجج عن الجهالة سادرها وفجر نعماء الشبهات فجور فاجرها وهدى على لسان الشيطان بقبول العصيان طائرها وقسم آكام الأحكام بزخرف الشقاشق ماكرها فأبلغ في النصيحة ووافرها وغاض لجج بحار الضلال وعامرها وأنار منار أعلام الهداية ومنابرها ومحق بمعجزات القرآن دعوة الشيطان ومكاثرها وأرغم معاطس الغواة وكافرها حتّى أصبحت دعوته بالحق بأوّل زائرها ، ومجيبه بقبول الصدق شاعرها بنطق
__________________
(١) من القفر وهو الخالي من الامكنة (كتاب العين : ٥ / ١٥١).
(٢) نافرها : نازعها.
(٣) في بعض النسخ : ومدلج.