إنّما يتذكّر أولو الألباب.
فكم من ولي جحدوه وكم وصيّ ضيّعوه وحقّ أنكروه ومؤمن شردوه وكم من حديث باطل عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته نقلوه وكم من قبيح منّا جوّزوه وخبر عن رأيهم تأوّلوه وكم من آية ومعجزة أجراها الله تعالى عن يده أنكروها وصدّوا عن سماعها ووضعوها ، وسنقف ويقفون ونسأل ويسألون وسيعلم الذين كفروا أيّ منقلب ينقلبون. طلبت بدم عثمان وظنّوا أنّي منهم الآن حاربتني عائشة ومعاوية وكأنّي بعد قليل وهم يقولون : القاتل والمقتول في جنّة عالية ونسوا ما قال الله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (١) وقوله تعالى : (مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) (٢) وكأني بعد قليل ينقلون عنّي أنني بايعت أبا بكر في خلافته فقد قالوا بهتانا عظيما ، فيا لله العجب وكلّ العجب من قوم يزعمون أنّ ابن أبي طالب يطلب ما ليس له بحق ويمني ويتداول الأمر جزعا ويتابعهم هلعا ، وأيم الله إنّ عليّا لآنس بالموت من سنة الكرى ، بل عند الصباح يحمد القوم السرى ، ألا إنّ في قائمنا أهل البيت كفاية للمستبصرين وعبرة للمعتبرين ومحنة للمتكبّرين لقوله تعالى : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) (٣) هو ظهور قائمنا المغيب لأنّه عذاب على الكافرين وشفاء ورحمة للمؤمنين ، يظهر وله من العمر أربعون عاما فيمكث في قومه ثمانين سنة وقيل لهم سلاما وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين (٤).
__________________
(١) سورة المائدة : ٤٥.
(٢) سورة النساء : ٩٣.
(٣) سورة ابراهيم : ٤٤.
(٤) الخطبة في ينابيع المودّة : ٣ / ٢٠٥ ط. دار الاسوة.