متفكّرا متحيّرا ، وإذا برجل غير الأوّل قد ظهر وأتاني وأرفق بي وسمّاني باسمي وكلّمني بالتركية وتفقّد عيني وقال : الحمد لله ، إنّك قد أفلحت ونجوت ، فتسلّيت به وسألته عن الرجل وصنيعه لي ووجه فلاحي ونجاتي ، فقال : إنّ الرجل هو الإمام الغائب المهدي عجّل الله تعالى فرجه قد أتاك ونجّاك من دار الشرك والكفر وأتى بك إلى هذا الوادي للهدى والرشاد والإسلام والسداد ، فلمّا سمعت ذلك تذكّرت ما كنت كثيرا ما أسمعه من الشيعة عن الإمام الغائب الموعود المنتظر الحجّة ابن الحسن عليهالسلام وكنت احبّهم وأكتمه من أبويّ وعشيرتي خوفا منهم من لومهم إيّاي. فقلت له : هل الرجل هو المهدي الغائب الموعود؟ فقال : نعم. قلت : فمن أنت؟ قال : رجل من أعوانه وملازميه. فقلت : ما هذا المكان؟
قال : هذا من جبال ايروان والمسافة إلى أرومية بعيدة. قلت : أجل ، فما أصنع إن رجوت الفلاح والاجتناب عن الشرك؟ قال : نعم ، أسلم. فرسخ في قلبي محبّة ذلك الرجل وتجلّى في شراشر وجودي نوره وقلت : كيف أسلم؟ قال : قل : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّ عليا وأولاده المعصومين أوصياء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخلفاؤه ، فأقررت بها ثمّ قال : اسمك هذا ينافي مذهبك فقد سمّيتك «سلمان» ، فقبلت ذلك ، ثمّ أخذ بيدي وقال لي : غمّض عينيك وافتحهما ، ففعلت فرأيت نفسي في أسفل جبل عظيم ، فأطلق يدي وأراني طريقا واسعا وقال لي : سر فيه إلى فرسخين فتدخل قرية فلان فتسأل عن دار شيخهم فلان فتنزل عنده فيدلّك على ما أحببت وشئت من طريقك ، ثمّ غاب عنّي ومضيت إلى أن أتيت تلك القرية فدخلت فيها وسألت عن دار الشيخ فدللت عليه فوقفت وطرقت عليه الباب ، فخرج إليّ شيخ فلمّا رآني قال لي : أنت سلمان؟ قلت: نعم. قال : فادخل ، فلمّا دخلت رأيت رجلا في زي عثمانلو (١) جالسا وقد حفّت به جماعة فنظر إليّ وتبسّم وأظهر الرأفة والملاطفة وسمّاني ورحّب بي وأجلسني عنده ، ثمّ قضى ما به من الجماعة من عملهم فمضوا واستفردنا فتوجّه عند ذلك إليّ وهنأني وبشّرني ، ثمّ أمر بالطعام فاحضر وأكلنا وأقامني عنده إلى ثلاثة أيّام وعلّمني اصول اعتقادات الشيعة وأسماء الأئمّة وأمرني بالتقيّة ، ثمّ قال : لا بدّ لك وأن تذهب حينئذ إلى قرية كذا عند فلان فيوصلك إلى ما شئت وأحببت ، والمسافة إلى هناك أربعة فراسخ ، فانطلقت مع الرجل الأوّل حتّى دلّني
__________________
(١) كلمة معرّبة عن التركيّة تدل على الزي العثماني.