وفلقت منها الزروع واشتمل بها على القلوب اليأس ، وجرت بسببها الأنفاس. اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وحفظا لغرائس غرستها يد الرحمن وشربها من ماء الحيوان أن تكون بيد الشيطان تجزّ وبفأسه تقطع وتحزّ. إلهي من أولى منك أن يكون عن حماك حارسا ومانعا ، إلهي إنّ الأمر قد هال فهوّنه وخشن فألنه ، وإنّ القلوب كاعت (١) فطمّها والنفوس ارتاعت فسكّنها. إلهي تدارك أقداما قد زلّت وأفهاما في مهامه (٢) الحيرة ضلّت ، أجحف الضرّ بالمضرور في داعية الويل والثبور ، فهل يحسن من فضلك أن تجعله فريسة للبلاء وهو لك راج ، أم هل يحمد من عدلك أن يخوض لجّة الغماء (٣) وهو إليك لاج ، مولاي لئن كنت لا أشقّ على نفسي في التقى ولا أبلغ في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا ولا أنتظم في سلك قوم رفضوا الدّنيا ، فهم خمص البطون عمش العيون من البكاء ، بل أتيتك يا رب بضعف من العمل وظهر ثقيل بالأخطاء والزلل ، ونفس للراحة معتادة ولدواعي التسويف منقادة ، أما يكفيك يا ربّ وسيلة إليك وذريعة لديك أنّي لأوليائك موال وفي محبّتك مغال أما تكفيني أن أروح فيهم مظلوما وأغدو مكظوما وأقضي بعد هموم هموما وبعد وجوم وجوما.
أما عندك يا رب بهذه حرمة لا تضيع وذمّة بأدناها يقتنع فلم لا تمنعني يا ربّ وها أنا ذا غريق وتدعني بنار عدوّك حريقا أتجعل أولياءك لأعدائك مصائد وتقلدهم من خسفهم قلائد ، وأنت مالك نفوسهم لو قبضتها جمدوا ، وفي قبضتك مواد أنفاسهم لو قطعتها خمدوا ، وما يمنعك يا رب أن تكفّ بأسهم وتنزع عنهم من حفظك لباسهم وتعريهم من سلامة بها في أرضك يسرحون وفي ميدان البغي على عبادك يمرحون. اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وأدركني ولما يدركني الغرق وتداركني ولما غيب شمسي للشفق. إلهي كم من خائف التجأ إلى سلطانك فآب عنه محفوظا بأمن وأمان ، أفأقصد يا ربّ بأعظم من سلطانك سلطانا أم أوسع من إحسانك إحسانا ، أم أكثر من اقتدارك اقتدارا أم أكرم من انتصارك انتصارا. اللهمّ أين كفايتك التي هي نصرة المستغيثين من الأنام ، وأين عنايتك التي
__________________
(١) كاعت : عجزت.
(٢) المهامة مفردها : المهمّة : المفازة البعيدة الاطراف (الصحاح : ٦ / ٢٢٥٠) وفي لسان العرب (١٣ / ١٠٩٩) المهمّة : الفلاة لا ماء بها ولا أنيس.
(٣) الغماء : الشديد من شدائد الدهر (كتاب العين ٤ / ٣٥١).