يوما فصادف وقت حركة مركب الدخان إلى سرّ من رأى لطغيان الماء فأتوا به إلى المركب وسلّموه إلى راكبيه وهم من أهل بغداد وكربلاء وسألوهم المراقبة في حاله والنظر في حوائجه لعدم قدرته على إبرازها وكتبوا إلى بعض المجاورين من أهل سامراء للتوجّه في أموره ، فلمّا ورد تلك الأرض المشرّفة والناحية المقدّسة أتى إلى السرداب المنوّر بعد الظهر من يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة وكان فيه جماعة من الثقات والمقدسين إلى أن أتى إلى الصفة المباركة فبكى وتضرّع فيها زمانا طويلا وكان يكتب قبيله حاله على الجدار ويسأل من الناظرين الدعاء والشفاعة فما تمّ بكاؤه وتضرّعه إلّا وقد فتح الله لسانه وخرج بإعجاز الحجّة (عج) من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق وكلام فصيح ، واحضر في يوم السبت في محفل تدريس سيّد الفقهاء وشيخ العلماء رئيس الشيعة وتاج الشريعة المنتهى إليه رئاسة الإماميّة سيّدنا الأفخم واستاذنا الأعظم الحاج الميرزا محمد حسن الشيرازي متّع الله المسلمين بطول بقائه وقرأ عنده متبرّكا سورة المباركة الفاتحة بنحو أذعن الحاضرون بصحّته وحسن قراءته وصار يوما مشهودا ومقاما محمودا ، وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين وأضاء وافضاءه من المصابيح والقناديل ونظموا القصة ونشروها في البلاد ، وكان معه في المركب مادح أهل البيت الفاضل اللبيب الحاج ملّا عباس الصفّار الزنوزي البغدادي فقال وهو من قصيدة طويلة ورآه مريضا وصحيحا :
وفي عامها جئت والزائرين |
|
إلى بلدة سر من قد رآها |
رأيت من الصين فيها فتى |
|
وكان سمي إمام هداها |
يشير إذا ما أراد الكلام |
|
وللنفس منه يريد براها |
وقد قيّد السقم منه الكلام |
|
وأطلق من مقلتيه دماها |
فوافى إلى باب سرداب من |
|
به الناس طرا تنال مناها |
يروم بغير لسان يزور |
|
وللنفس منه وهت بعناها |
وقد صار يكتب فوق الجدار |
|
ما فيه للروح منه شفاها |
أروم الزيارة بعد الدعاء |
|
ممن رأى أسطري وتلاها |
لعل لساني يعود الفصيح |
|
وعليّ أزور وأدعو الإلها |