وبتحليل ادق نرى انه لا بد من عدم التوجه الى غير الله جل وعلا ، لان التوجه الى غيره معناه الاعتراف باستقلاله والخضوع له ، وهذا هو العبادة والطاعة بعينها ، يقول تعالى : ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والانس ) الى قوله ( اولئك هم الغافلون ) (١).
عند التدبر في هذه الآيات الكريمة نرى بالنظرة البدائية في قوله ( ولا تشركوا به شيئاً ) انه تعالى ينهي عن عبادة الاصنام ، وعندما نتوسع بعض التوسع نرى النهي عن عبادة غير الله من دون اذنه ، ولو توسعنا اكثر من هذا لنرى النهي عن عبادة الإنسان نفسه باتباع شهواتها ، اما لو ذهبنا الى توسع اكثر فنرى النهي عن الغفلة عن الله والتوجه الى غير اياً ما كان ذلك الغير.
ان هذا التدرج ـ ونعني به ظهور معنى بدائي من الآية ثم ظهور معنى اوسع من الاول وهكذا ـ جار في جميع الآيات الكريمة بلا استثناء.
وبالتأمل في هذا الموضوع يظهر معنى ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله في كتب الحديث والتفسير من قوله : « ان للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً الى سبعة ابطن » (٢).
ــــــــــــــــــ
(١) سورة الاعراف : ١٧٩.
(٢) الصافي المقدمة الثامنة ، وسفينة البحار « بطن ».