أحسن كل شيء خلقه ) (١) ، فلو انضمت هذه الآية الى الآية السابقة لرأينا الجمال والخلقة قرينين ، فكل ما وجد في عالم المخلوقات من خلق كان موصوفاً بالجمال.
ويجب ايضا ان لا تغرب عنا هذه النكتة ان الآيات القرآنية تعترف بالخير مقابل الشر والنفع مقابل الضرر والحسن مقابل السيء والجمال مقابل القبح ، وتعتبر كثيرا من الافعال والاقوال والافكار حسنة او سيئة ، ولكن هذه المساوىء والقبائح والشرور تبدو واضحة اذا ما قيست بما يقابلها ، فوجدوها نسبي وليس بنفسي.
مثلاً الحية والعقرب مؤذيان ، لكن بالنسبة الى الإنسان والحيوانات التي تتألم من سمهما لا بالنسبة الى الحجر والتراب والشيء المر والرائحة الكريهة منفوران ، لكن بالنسبة الى ذائقة الإنسان وشامته لا بالنسبة الى كل الحيوانات. وبعض الاعمال والاقوال تبدو شاذة ، لكن بالنسبة الى البيئة التي يعيش فيها الإنسان لا بالنسبة الى كل البيئات.
نعم لو لم نلاحظ النسبة والقياس وننظر الى الاشياء بنظرة مطلقة نراها في منتهى الجمال ونرى الوجود اخاذا يلفت النظر ولا يمكن وصف حسنه وجماله ، لان الوصف نفسه من الخلق الجميل الذي يحتاج بدوره الى وصف.
ــــــــــــــــــ
(١) سورة السجدة : ٧.