وأما أن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ سيد المرسلين وأفضلهم على الاطلاق فيكفيه رسالته العامة الدائمة إلى يوم القيامة ، فإنها لم تكن لأحد من الأنبياء ، وهكذا القرآن النازل إليه ، فإنه لم يشبهه كتاب من الكتب النازلة ، وصحيفة من الصحف النازلة ، ومن المعلوم أن الأمرين المذكورين يدلان على عظمة النبي وشأنيته لتلك الرسالة العظمى ، ولمعرفة القرآن الكريم الذي لا نهاية له ، كما ورد : «إنما يعرف القرآن من خوطب به» فهو عارف بحقائق لم يعرفها الأنبياء سابقا ، ومرسل إلى امة لا سابقة له في الماضين. هذا مضافا إلى تخلقه بالأخلاق الفاضلة والآداب والسنن ، وقد أشار المصنف بقوله : «وإنه لعلى خلق عظيم» إلى الآية الشريفة : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (١) الدالة على تخلقه بالخلق العظيم ، وقد أورد العلّامة الطباطبائي ـ قدسسره ـ في المجلد السادس من تفسير الميزان جملة من روايات سننه ، التي فيها مجامع أخلاقه التي تلوح إلى أدبه الإلهي الجميل ، مع كونها مؤيدة بالآيات الشريفة القرآنية ، وهذه الروايات الدالة على أخلاقه وسننه وآدابه تقرب مائة وثمانين (٢) فراجعه وغيره من الجوامع ، وكيف كان يكفي في عظمة أخلاقه توصيف الله اياه بأنه عظيم ، مع أنه لم يوصف نبي بأن خلقه عظيم.
وهكذا الروايات الدالة على أن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ سيد المرسلين وأفضلهم كثيرة. منها ما روي في عيون أخبار الرضا ـ عليهالسلام ـ من المأمون ، سأل علي بن موسى الرضا ـ عليهالسلام ـ أن يكتب له محض الإسلام على الايجاز والاختصار. فكتب ـ عليهالسلام ـ له : «ومن جملته ، وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه وصفيه وصفوته من خلقه ، وسيد المرسلين وخاتم النبيين ، وأفضل العالمين ، لا نبي بعده ، ولا تبديل لملته ، ولا تغيير لشريعته وأن جميع ما جاء به
__________________
(١) القلم : ٤.
(٢) الميزان : ج ٦ ، ص ٣٢١ ـ ٣٥٧.