فمن ذلك ما رواه نَقلةُ الاثار من العامّة والخاصّة في قضاياه ورسول الله صلىاللهعليهوآله حيّ فصوَّبه فيها ، وحَكَم له بالحقّ فيما قضاه ، ودعا له بخير وأثنى عليه به ، وأبانه بالفضل في ذلك مِن الكافة ، ودَلَّ به على استحقاقه الأمرَ من بعده ، ووجوب تقدّمه على من سواه في مقام الإمامة ، كما تضمّن ذلك التنزيلُ فيما دلّ علَى معناه وعُرِف به ما حواه التأويل ، حيث يقول الله عزّ اسمه : ( اَفَمَنْ يَهْدِي اِلَى الْحَقِّ أحقُّ اَنْ يُتَّبَعَ اَمَّن لا يَهِدِي اِلاّ أنْ يُهْدى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) وقوله تعالى ذكره : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ألَّذينَ يَعْلَمُونَ وَألَّذينَ لا يَعْلَمُونَ اِنماَ يَتَذَكرُ أُولُوا الالْبَاب ) (٢) وقوله تعالى سبحانه في قصّة آدم عليهالسلام وقد قالت الملائكةَ : ( اَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيهَا وَيسفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدس لَكَ قَالَ إِني اَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ* وَعَلّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَهَا ثَم عَرَضَهُمْ عَلَى اْلمَلائِكَةِ فَقَالَ أنْبِؤُني باَسْمَاءِ هؤُلاَءِ اِنْ كُنْتُمْ صَادِقينَ* قَالوُا ْسبحانك لا عِلْمَ لَنَا إلاّ مَا عَلًّمْتَنَا اِنّكَ اَنْتَ الْعَليمُ الْحَكيمُ * قَالَ يَا آدَمُ اَنْبِئْهُمْ باَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا اَنْبَأهُمْ بِاَسْمَائِهِمْ قَالَ اَلَمْ اَقُلْ لَكُمْ اِنّي اَعْلَمُ غَيْبَ السماوات وألارْضِ وَاَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كًنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) (٣).
فنَبَّه الله سبحانه الملائكةَ على أنّ آدم أحقُّ بالخلافة منهم ، لأنّه أعلمُ منهم بالأسماء وأفضلُهم في علم الأنباء.
ــــــــــــــــــ
(١) يونس ١٠ : ٣٥.
(٢) الزمر ٣٩ : ٩.
(٣) البقرة ٢ : ٣٠ ـ ٣٣.