اتّصل بهم من البراءة من صَنيع خالِد بهم ، فاجتمع براءة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ممّا جناه خالِد ، واستعطاف أمير المؤمنين عليهالسلام القومَ بما صَنَعَه بهم ، فتَمّ بذلك الصلاحُ ، وانقطعت به موادّ الفَساد ، ولم يتولَّ ذلك أحدٌ غيرُ أمير المؤمنين عليهالسلام ولا قام به من الجماعة سواه ، ولا رَضيِ رسولُ الله صلىاللهعليهوآله لتكليفه أحداً ممنّ عداه.
وهذه منقبة يزيد شرفها على كلّ فضل يُدَّعى لغير أمير المؤمنين عليهالسلام ـ حقّاً كان ذلك أم باطلاً ـ وهي خاصة لأمير المؤمنين عليهالسلام لم يَشْركه فيها أحدٌ منهم ، ولا حَصَلَ لغيره عِدْلٌ لها من الأعمال (١).
فصل
ومن ذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لما أراد فتحَ مكّة ، سأل الله ـ جلّ اسمه ـ أن يعَمِّيَ أخبارَه على قريش ليَدْخُلَها بغتةً ، وكان عليه وآله السلام قد بنى الأمرَ في مسيره إليها على الأستسرار بذلك ، فكتب حاطِب بن أبي بلتعة إلى أهل مَكّة يُخبِرهم بعزيمة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله على فتحها ، وأعطَى الكتابَ امرأةً سَوْداء (٢) كانت وَرَدت المدينةَ تستميح بها
ــــــــــــــــــ
(١) انظر تاريخ اليعقوبي ٢ : ٦١ ، مغازي الواقدي ٣ : ٨٧٥ ، الطبقات الكبرى ٢ : ١٤٧ ، دلائل النبوة ٥ : ١١٣ ـ ١١٨ ، سيرة ابن هشام ٤ : ٧٠ ـ ٧٣ ، فتح الباري ٨ : ٤٦ ، تاريخ الطبري ٥ : ٦٦ ـ ٦٧ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
(٢) في هامش « ش » و « م » : كان اسمها سارة.