وكان ممّن أطْنَبَ في تَهنئته بالمَقام عُمَر بن الخَطّاب فأظْهَر له المسَرّة به وقال فيما قال : بَخٍ بَخٍ يا عليّ ، أصبحتَ مَولاي ومَولى كلِّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ.
وجاء حَسّان إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له : يا رسولَ اللهِ ، إئْذَن لي أن أقول في هذا المقام ما يَرضاه الله؟ فقال له : « قل يا حَسّان على اسم الله » فوَقَف على نَشَزٍ (١) من الأرض ، وتَطاول المسلمون لسماع كلامه ، فأنشأ يقول :
يُناديهمُ يومَ الغَديرِ نَبيُّهُمْ |
|
بخُمٍّ وأسمِعْ بالرسولِ مُنادِيا |
وقالَ : فمَنْ مَولاكم ووَلِيّكم؟ |
|
فقالوُا ولم يَبدُوا هُناك التعادِيا |
إلهًك مَوْلانا وأنْتَ وَليّنا |
|
ولَنْ تَجِدن مِنّا لكَ اليومَ عاصِيا |
فقال له : قُمْ يا عليّ فإِنّني |
|
رَضيتُك مِنْ بَعدي إِماماً وهادِيا |
فَمَنْ كُنْتُ مَولاه فَهذا وَلِيُّه |
|
فُكُونُوا لَهُ أنصارَصِدْقٍ موالِيا |
هُناكَ دَعا : اللّهُمَّ والِ
وَلِيَّه |
|
وَكُنْ لِلّذي عادى عَلِيّاً مُعادِيا |
فقال له رسولُ الله صلىاللهعليهوآله : « لا تَزال ـ يا حَسّان ـ مُؤيّداً بروحِ القدُسُ ما نَصَرْتَنا بلِسانك ».
وإنّما اشترط رسولُ الله صلىاللهعليهوآله في الدعاء له ، لعلمه بعاقبة أمره في الخِلاف ، ولو عَلِمَ سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له على الأطلاق ، ومثلُ ذلك ما اشترط اللهُ تعالى في مدح أزواج النبي عليهالسلام ، ولم يَمْدَحْهُنَّ بغير اشتراط ، لعلمه أنَّ منهنّ من يتغيّر بعد
ــــــــــــــــــ
(١) النَّشز : المرتفع من الأرض. « النهاية ـ نشز ـ ٥ : ٥٥ ».