عليه وآله في أوامره ، وإصلاحِ ما أفسدوه ، حتّى انتظمت به أسبابُ الصَلاح ، واتَّسق بيُمْنه وسعادةِ جَدّهِ وحُسْنِ تدبيره والتوفيقِ اللازم له أمورُ المسلمين ، وقام به عمودُ الدين.
ألا ترى أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أنفذ خالد بن الوَليد إلى بني جُذيمَة داعياً لهم إلى الإسلام ، ولم ينفْذه مُحارِباً ، فخالف أمرَه صلىاللهعليهوآله ونَبَذَ عَهْدَه ، وعاند دينَه ، فقتل القومَ وهم على الإسلام ، وأخْفَرَ ذمّتهم وهم أهلُ الإيمان ، وعَمِلَ في ذلك على حَمِيّة الجاهليّة وطريقةِ أهل الكفر والعدوان ، فشانَ فعالُه الإسلامَ ، ونَفَّرَ به عن نبيّه عليه وآله السلام من كان يدعوه إلى الإيمان ، وكاد أن يَبْطلَ بفعله نظام التدبير في الدين.
ففَزِعَ رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآله في تلافي فارطه ، وإصلاحِ ما أفسده ، ودفعِ المَعَرّة عن شَرْعِه بذلك إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فانفذه لعَطْف القوم وسَلِّ سخائمهم والرِفْق بهم ، في تثبيتهم على الإيمان ، وأمَرَه أن يَدِيَ القتلى ، ويرضي بذلك أولياءَ دمائهم الأحياءَ.
فبَلَغ أميرُ المؤمنين عليهالسلام من ذلك مبلغَ الرضا ، وزاد على الواجب بما تبرّع به عليهم من عَطِيّة ما كان بقي في يده من الأموال ، وقال لهم : « قد اَدّيتُ (١) ديات القَتْلى ، وأعطيتُكم بعدَ ذلك من المال ما تعودون به على مُخَلّفيهم (٢) ليرضى اللّه عن رسوله صلىاللهعليهوآله وترضَوْن بفضله عليكم » وأظهر رسولُ الله صلىاللهعليهوآله بالمدينة ما
ــــــــــــــــــ
اصحابها وقضاء ما كان عليه من دين : طبقات ابن سعد ٣ : ٢٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١ : ١٥٤ ـ ١٥٥ ، اُسد الغابة ٤ : ١٩.
(١) في « م » وهامش « ش » : وديت.
(٢) في « ش » : مُخلّفيكم.