يا رسولَ الله للقضاء وأنا شابٌّ ولا علم لي بكلِّ القضاء » فقال له : « اُدْنُ منّي » فدنا منه فضرب على صدره بيده ، وقال : « اللّهمّ اهدِ قلبه وثبِّت لسانه » قال أميرُ المؤمنين عليهالسلام : « فما شَكَكْتُ في قضاءٍ بين اثنين بعد ذلك المقام » (١).
ولمّا استقرّت به الدار باليمن ، ونظر فيما نَدَبه إِليه رسولُ الله صلىاللهعليهوآله من القضاء والحكم بين المسلمين ، رفعَ إليه رجلان بينهما جاريةٌ يَملكان رِقَّها على السواء ، قد جَهِلا حظرَ وطْئها فوَطِئاها معاً في طُهْر واحد على ظنّ منهما جواز ذلك لقرب عهدهما بالإسلام وقلّةِ معرفتهما بما تضمّنته الشريعةُ من الأحكام ، فحَمَلتْ الجاريةُ ووَضَعَتْ غلاماً ، فاختصما إليه فيه ، فقَرَعَ على الغلام باسميهما فخرجت القرعةُ لأحدهما فألحقَ الغلامَ به ، وألزَمه نصفَ قيمته لأنّه كان عبداً لشريكه ، وقال : « لو عَلِمتُ أنَّكما أقدمتُما على ما فعلتماه بعد الحجّة عليكما بحَظْره لَبالغتُ في عقوبتكما » وبَلَغَ رسولَ الله صلىاللهعليهوآله هذه القضيةُ فأَمضاها ، وأقرَّ الحكمَ بها في الإسلامِ ، وقال : « الحمدُ للّه الذي جَعَل فينا ـ أهلَ البيت ـ من يَقضي على سنن داود عليهالسلام وسبيله في القضاء » يعني القضاء بالإلهام الذي هوفي معنى الوَحي ، ونزولِ النصّ به أن لو نَزَلَ على الصريح (٢).
ــــــــــــــــــ
(١) روي باختلاف يسير في الطبقات الكبرى ٢ : ٣٣٧ ، مسند أحمد ١ : ١٣٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٧٤ ، أنساب الأشراف ٢ : ١٠١ ، مسند أبي يعلى ١ : ٢٦٨ و ٣٢٣ ، تأريخ بغداد ١٢ : ٤٤٣ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٠ : ٢٤٤.
(٢) روي نحوه في الكافي ٥ : ٤٩١ ، الفقيه ٣ : ٥٤ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٢٣٨ ، مصباح الأنوار : ١٨٢ ، مناقب آل أبي طالب ٢ : ٣٥٣.