وروَوْا : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام دخل ذات يوم المسجد ، فوجد شابّاً حَدَثاً يبكي وحوله قوم ، فسأل أميرالمؤمنين عليهالسلام عنه ، فقال : إِنّ شُرَيحاً قضى عليَّ بقضية لم يُنْصِفْني فيها ، قال : « وما شأنُك؟ » قال : إِنّ هؤلاء النفر ـ وأومأ إِلى نفر حضُور ـ أخرجوا أبي معهم في سفر ، فرجعوا ولم يَرْجع ، فسألتهُم عنه فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله الذي استصحبه ، فقالوا : ما نَعْرِف له مالاً ، فاستحلفهم شريح وتقدّم إِليّ بترك التعرّض لهم.
فقال أَمير المؤمنين عليهالسلام لقَنْبَر : « إِجمع القوم وادعُ لي شُرَط الخميس » (١) ثمّ جلس ودعا النفر والحَدَث معهم ، فسأله عمّا قال ، فأعاد الدعوى وجعل يَبْكي ويقول : أنا والله أتّهمهم على أبي يا أمير المؤمنين ، فإِنّهم احتالوا عليه حتى أخرجوه معهم ، وطَمِعُوا في ماله. فسأل أمير المؤمنين عليهالسلام القوم ، فقالوا كما قالوا لشريح : مات الرجل ولا نعرف له مالاً ، فنظر في وجوههم ثمّ قال لهم : « ماذا؟ أتظنّون أني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى! إِنّي إذاً لقليل العلم ».
ثمّ أمربهم أن يُفَرَّقوا ، فَفُرِّقوا في المسجد ، وأُقيم كلُّ رجل منهم إِلى جانب أُسطوانة من أساطين المسجد ، ثم دعا عُبَيْدالله بن أبي رافع كاتبه يومئذ فقال له : « اجلس » ثمّ دعا واحداً منهم فقال له : « أخبرني ولا تَرْفَع صوتَك ، في أيّ يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الغلام معكم؟ » فقال : في يوم كذا وكذا ، فقال لعبيدالله : « أُكتب » ثم قال
ــــــــــــــــــ
٣٥٤ / ٢.
(١) في هامش « ش » و « م » : شرط الخميس كانوا خمسة آلاف رجل ، اشترطوا مع أمير المؤمنين عليهالسلام أن يقاتلوا دونه حتى يقتلوا.