وهذا ـ أيضاً ـ لاحق بما قدّمنا ذِكْرَه منَ الانباءِ بالغُيوبِ والأعلامِ القاهرِة للقُلوبِ.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه عُثمانُ بنُ عيسى العامريّ ، عن جابرِ بنِ الحُر ، عن جُوَيرية بن مُسْهِر العبديِّ قالَ : لمّا توجّهْنا معَ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ عليهالسلام إِلى صِفِّيْنَ فبَلَغْنَا طُفوفَ كربلاءَ وقفَ عليهالسلام ناحيةً منَ العسكرِ ، ثمّ نظرَ يميناً وشمالاً واستعبرَ ثمّ قالَ : « هذا ـ والله ـ مُناخُ رِكابهم ومَوضعُ مَنِيَّتِهم » فقيلَ له : يا أميرَالمؤمنينَ ، ما هذا الموضعُ؟ قَالَ : « هذا كربلاءُ ، يقتَل فيه قومٌ يَدخلونَ الجنّةَ بغيرِ حسابٍ » ثمّ سارَ.
فكانَ النّاسُ لا يَعرفونَ تأويلَ ما قالَ حتّى كانَ من أمرِ أبي عبدِاللهِ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام وأصحابِه بالطَّفِّ ما كانَ ، فعَرفَ حينئذٍ من سَمِعَ مقالَه مِصداقَ الخبرِ فيما أنبأهم به (١).
وكانَ ذلكَ من علمِ الغيبِ والخبرِ بالكائنِ قبلَ كونه ، وهو المعجزُ الظّاهرُ والعَلَمُ الباهرُ حسبَ ما ذكرْناه.
والأخبارُ في هذا المعنى يَطولُ بها الشّرح ، وفيما أثبتْناه منها كفاية فيما قَصَدْناه.
ـــــــــــــــــ
(١) وأشار الى الواقعة نصر بن مزاحم في وقعة صفين : ١٤٠ ـ ١٤١ ، والصدوق في أماليه : ١١٧ / ٦ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤١ : ٢٨٦ / ٦.