عن (١) معرفةِ الأخبارِ تُنكرُه ، وهي سالكةٌ في ذلكَ طريق الزنادقة فيما طعنتْ به في القرآنِ ، وما تَضمنَه منَ أخبارِ الجنِّ وإيِمانِهم باللهِ ورسوله عليهِ وآلهِ السّلامُ ، وما قصَّ اللّهُ تعالى من نبإِهم في القرانِ في سورةِ الجنِّ وقولهم : ( إِنَا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبَاً * يَهْدِيْ إِلَى الرًّشْدِ فَآمَنَا بِهِ ) (٢) إلى آخرِ ما تَضمّنَه الخبرُ عنهم في هذه السُورةِ.
واِذا بطلَ اعتراضُ الزّنادقة في ذلكَ بتجويزِ العُقولِ وجودَ الجنِّ ، وإمكان تكليفِهم وثبوت ذلكَ معَ إِعجازِ القرانِ والأعجوبةِ الباهرةِ فيه ، كانَ مثلَ ذلكَ ظهورُ بطلانِ طُعُونِ المعتزِلةِ في الخبرِ الّذي رَوَيْناه ، لعدمِ استحالةِ مضمونه في العقولِ. وفي مجيئِه من طريقينِ مختلفينِ وبروايةِ فريقينِ في دلالتِه متباينينِ برهانُ صحّتِه ، وليس في إِنكارِ مَنْ عَدَلَ عنِ الأنصافِ في النّظرِ ـ منَ المُعتزِلةِ والمُجبرةِ ـ قدحٌ فيما ذكرْ ناه من وجوبِ العملِ عليه.
كما انّه ليس في جحدِ الملحدةِ وأصنافِ الزّنادقة واليهودِ والنّصارى والمجوسِ والصّابئينَ ما جاءَ مجيئَه منَ الأخبارِ بمعجزاتِ النّبيِّ صلىاللهعليهوآله ـ كانشقاقِ القمر ، وحَنينِ الجِذْعِ ، وتسبيح الحصى ، وشكوى البعيرِ ، وكلام الذًّراعِ ، ومجيءِ الشّجرةِ ، وخروجِ الماءِ من بينِ أصَابعِه في المِيضَأةِ ، وِاطعامِ الخلقِ الكثيرِ منَ الطّعامِ القليلِ (٣) ـ قدحٌ في صحّتِها ، وصدقِ رُوَاتِها ، وثبوتِ الحجّةِ
ـــــــــــــــــ
الغيبية أو تردّه. انظر « الملل والنحل ٢ : ٢٥٨ وما بعدها ».
(١) في « م » وهامش « ش » : من.
(٢) الجن ٧٢ : ١ ـ ٢.
(٣) في « م » وهامش « ش » : اليسير.