الكُوفةِ ، إِذْ ظهرَثُعبانٌ من جانب المنبرِ فجعلَ يَرقى حتّى دنا من أميرِ المؤمنينَ عليهالسلام فارتاعَ النّاَسُ لذلكَ ، وهَمُّوا بقصدِه ودفعِه عن أميرِ المؤمنينَ فأومأ إِليهم بالكفِّ عنه ، فلمّا صارَ على المِرقاةِ الّتي عليها أميرُ المؤمنينَ قائمٌ ، انحنى إِلى الثُّعبانِ وتَطاوَلَ الثُّعبانُ إِليه حتّى الْتَقَمَ أُذنَه ، وسكتَ النّاسُ وتحيَّرُوا لذلكَ ، فَنَقَّ نقيقاً سَمِعَه كثيرٌ منهم ، ثم إِنَّه زالَ عن مكانِه وأميرُ المؤمنينَ عليهالسلام يحرِّكُ شفتيهِ والثُّعبانُ كالمُصغي إليه ، ثمّ انسابَ فكأنَّ (١) الأرضَ ابتلعتْه ، وعادَ أميرُ المؤمنينَ عليهالسلام إِلى خُطبتهِ فتمّمَها.
فلما فرغَ منها ونزلَ اجتمعَ إِليه النّاسُ يسألونَه عن حالِ الثُّعبانِ والاعجوبة فيه ، فقالَ لهم : « ليسَ ذلكَ كما ظَنَنْتُم ، وإنّما هو حاكمٌ من حُكّام الجنَ ، التبستْ عليه قضيّة ، فصارَ إِليَّ يَستَفْهِمُني عنها فأفهمتُه إِيّاها ، ودعا لي بخيرٍ وانصرفَ » (٢).
فصل
وربّما استبعدَ جُهّالٌ منَ النّاسِ ظهورَ الجنِّ في صُوَرِ الحيوانِ الّذي ليسَ بناطقٍ ، وذلكَ معروفٌ عندَ العربِ قبلَ البعثةِ وبعدَها ، وقد
__________________
(١) في « م » وهامش « ش » : وكأنّ.
(٢) ذكر نحوه الصفار في بصائر الدرجات : ١١٧ / ٧ ، والمسعودي في اثبات الوصية : ١٢٩ ، وابن شاذان في الفضائل : ٧١ ، وانظر احقاق الحق ٨ : ٧٣٢ نقله عن ابن حسنويه في در بحر المناقب المخطوط : ١٢١ ، والقوشجي في شرح تجريد العقائد : ٣٧٥ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٣٩ : ١٧٨ / ٢٠.