ولم يَشْرك أميرَ المؤمنين عليهالسلام في هذه المنقبة أحدٌ من أهل الإسلام ، ولا اختصَّ بنظير لها على حال ، ولا مقاربِ لها في الفَضْل بصحيح الأعتبار.
وفي أمير المؤمنين عليهالسلام ومبيته على الفِراش ، أنزل اللّه تعالى ( وَمِنَ ألنّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه وَاللّه رَؤوفٌ بِالْعِبَادِ ) (١ و ٢).
فصل
ومن ذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان أمينَ قريش على وَدائعهم ، فلمّا فجأه من الكفّار ما أحْوَجَه الى الهَرب من مكّة بغتةً ، لم يَجِد في قومه وأهله مَنْ يأتَمِنهُ على ما كان مؤتمناً عليه سوى أمير المؤمنين عليهالسلام فاستخلفه في ردّ الودائع إلى أربابها ، وقضاءِ ما عليه من دَيْن لمستحقّيه ، وجَمْع بَناته ونساء أهله وأزواجه والهِجرة بهم إليه ، ولم يَرَ أنّ أحداً يَقوم مقامه في ذلك من كافّة النَاس ، فوَثق بامانته ، وعَوّلَ على نجْدته وشَجاعته ، واعتمد في الدفاع عن أهله وحامَّته على بأْسه وقدرته ، واطمأن إلى ثقته على أهله وحُرَمه ، وعَرَفَ من ورعه وعصمته
ــــــــــــــــــ
(١) البقرة ٢٠٧ : ٢.
(٢) ورد حديث المبيت في تاريخ مدينة دمشق ـ ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام ـ ١ : ١٥٣ ـ ١٥٥ ، تاريخ بغداد ١٣ : ١٩١ ، أُسد الغابة ٤ : ١٩ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ٤ ، مسند أحمد ١ : ٣٤٨ ، التفسير الكبير للفخر الرازي ١٥ : ١٥٥ ، ذخائر العقبى : ٨٧.