وفي غيبة الشيخ : عنه (يعني : الفضل) عن ابن أسباط ، عن الحسن بن الجهم ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن شيء من الفرج ، قال : أولست تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ قلت : لا أدري إلّا أن تعلّمني ، فقال : نعم ، انتظار الفرج من الفرج (١).
١٢٤٠ ـ (٢١) ـ كمال الدين : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي
__________________
(١) غيبة الشيخ : ص ٤٥٩ ح ٤٧١ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ١٣٠ ـ ١٣١ ب ٢٢ ح ٦.
(٢١) ـ كمال الدين : ج ٢ ص ٣٥٧ ب ٣٣ ح ٥٤ ؛ البحار : ج ٥٢ ص ١٤٩ ـ ١٥٠ ب ٢٢ ح ٧٦ ؛ المحجّة : ص ٦٩ ـ ٧٠.
اعلم أنّ الأخبار الواردة في فضيلة الانتظار والترغيب فيه كثيرة متواترة ، وهو كيفيّة نفسانيّة ينبعث منها التهيّؤ لما ينتظره المنتظر ، أو هو عبارة عن طلب إدراك ما يأتي من الأمر ، كأنّه ينظر متى يكون ، او ترقّب حصول أمر المنتظر وتحقّقه ، وعليه يكون التهيّؤ لما ينتظر من أثره ، ويتفاوت مراتبه بتفاوت مراتب محبّة المنتظر لما ينتظره ، فكلّما كان الحبّ أشدّ كان التهيّؤ لما ينتظر أكمل ، وكلّما قرب زمانه يصير تعلّق قلبه واشتغال خاطره به آكد ، فالمنتظر لظهور مولانا المهدي عليهالسلام يتهيّأ لذلك بالورع ، والاجتهاد ، وتهذيب الأخلاق ، وكسب الفضائل والمعارف والكمالات حتى يفوز بثواب المنتظرين المخلصين ، بل يظهر من بعض الأحاديث أنّه لا يعدّ من أصحابه إلّا إذا كان عاملا بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ، فيجب على المنتظر المؤمن ملازمة الطاعات ، والاجتناب عن السيّئات ، وهذا من أعظم فوائد الانتظار ، وقد ذكروا له فوائد اخرى ؛ منها : أنّه يخفّف النوائب على الإنسان ؛ لعلمه بأنّها في معرض التدارك ، فيقوى بسببه قلبه ، ويبعثه إلى الإقدام والحركة نحو الكمال ، وأن يكافح النائبات ومتاعب الحياة ، وأن ينظر إلى أبناء جنسه ومستقبل أمره بعين الحبّ والرضا ، فيقوم بقضاء حوائج الناس ، وإصلاح امورهم ، ويعين الضعفاء ، ويرحم الفقراء ، ويعود المرضى ويستريح به من سوء الظنّ بالحياة ومستقبل عمره واليأس من روح الله ، وكم فرق بين من يرى العالم يسير إلى نقطة الصلاح والكمال والغلبة على المشاكل ، وبين من يراه سائرا نحو الظلم والفساد. ولا يخفى عليك أنّ انتظار المهديّ عليهالسلام كاشف عن بلوغ الإنسان إلى مرتبة كمال القوّة العاقلة ، وعن الأريحيّة وحبّ العدل وإجراء الحدود وجريان الامور على القواعد الصحيحة والموازين الدقيقة ، وعن إخلاصه وصدقه في ادّعائه مودّة النبي وأهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم.