دعوى خصمه بإخراج النبي أبا بكر معه إلى الغار بأنّه لم لم يخرج باقي الأربعة معه لأنّهم صاروا أيضا خلفاء مثل أبي بكر مع أنّه لا ينقض دعواه ، فإنّ للخصم أن يقول : إنّي لم أقل أخرجه للخلافة المجرّدة ، بل لأنّه أسّس سلطنة المسلمين ، وشكّل دولة لهم ، وكم فرق بين الباني لبيت والجائي إلى بيت ممهّد.
أقول : كان لسعد ولغيره ممّن يناظر مع هؤلاء أن يقول : إذا كان السبب لإخراجه معه علمه بأنّه يلي الخلافة من بعده ، فهو كان عالما بأنّ باقي الأربعة يلونها واحدا بعد واحد ، فيجب عليه إخراج الأربعة معه ، وإن كان السبب أنّه يكون كذا وكذا كان لسعد أن يجيبه بأنّه ما كان كذا ، وأنّ خلافته كما أخبر عنه عمر كانت فلتة وقى الله الامّة شرّها ، وأنّ غيره مثل عمر كان أدهى منه ، وما كان ما صدر منه بأقلّ ممّا صدر من أبي بكر على رأي القوم وزعمهم لو لم يكن بأكثر وأعظم ، وأمّا ما صدر من علي عليهالسلام من بيان الشريعة وتفسير القرآن ، والمعارف الحقيقية ، وما نحتاج إليه في امورنا الدينية والدنيوية والاخروية ، وما علّم الامّة من علم تأويل القرآن ، والجهاد مع الناكثين والقاسطين والمارقين البغاة ، فلا يحصيها أحد إلّا الله تعالى.
وكأنّ الناقد رأى ذلك ، أي تأسيس سلطنة المسلمين وتشكيل دولتهم من أعمال أبي بكر ، ولذا رأى أنّه لا يمكن لسعد الجواب عنه ، ولم يلتفت إلى أنّه لم يكن وحده فيما كانوا بصدده من السلطة على المسلمين والاستيلاء عليهم ، بل كانوا حزبا وجماعة يعملون لذلك من عصر النبي صلىاللهعليهوآله ، ولم يكن مقصدهم تأسيس الحكومة للمسلمين ، بل كان مقصدهم الاستيلاء على الامور وعلى السلطان ،