فأقبل يبكي بكاء] طويلا وهو يقول : رحمك الله يا أبا محمّد ، فلقد كنت إماما عادلا ، ابن أئمّة وأبا إمام ، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك عليهمالسلام ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ، صر إلى رحلك وكن على اهبة من كفايتك ، حتّى إذا ذهب الثلث من الليل وبقي الثلثان فالحق بنا ، فإنّك ترى مناك [إن شاء الله].
قال ابن مهزيار : فصرت إلى رحلي اطيل التفكّر ، حتّى إذا هجم الوقت فقمت إلى رحلي وأصلحته ، وقدمت راحلتي وحملتها وصرت في متنها حتّى لحقت الشعب ، فإذا أنا بالفتى هناك يقول : أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن ، طوبى لك فقد اذن لك ، فسار ، وسرت بسيره حتّى جاز بي عرفات ومنى ، وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف ، فقال لي : يا أبا الحسن ، انزل وخذ في اهبة الصلاة ، فنزل ونزلت حتّى فرغ وفرغت ، ثمّ قال لي : خذ في صلاة الفجر وأوجز ، فأوجزت فيها وسلّم وعفّر وجهه في التراب ، ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت ، ثم سار وسرت بسيره حتّى علا الذروة ، فقال : المح هل ترى شيئا؟ فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء ، فقلت : يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء ، فقال لي : هل ترى في أعلاها شيئا؟ فلمحت فإذا أنا بكثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقّد نورا ، فقال لي : هل رأيت شيئا؟ فقلت : أرى كذا وكذا ، فقال لي : يا ابن مهزيار ، طب نفسا ، وقرّ عينا ، فإنّ هناك أمل كلّ مؤمّل ، ثم قال لي : انطلق بنا ، فسار وسرت حتّى صار في أسفل الذروة ، ثمّ قال : انزل ، فهاهنا يذلّ لك كلّ صعب ، فنزل ونزلت حتّى قال لي : يا ابن مهزيار ، خلّ عن زمام الراحلة ، فقلت : على من اخلفها وليس هاهنا أحد؟ فقال : إن هذا حرم لا يدخله