به في اصول الدين ، إلّا إذا كمل به التواتر المفيد للقطع فيحتجّ به وإن أعرض عنه الأصحاب ؛ لأنّ إعراضهم أعمّ من عدم الصدور ، والتواتر يكون لإثبات الصدور ، فقوله : كم من خبر صحيح السند اصطلاحا لم يعمل به أحد ، ليس هنا مورده.
وما يقال من أنّ عمل الأصحاب جابر لضعف السند ، وإعراضهم وتركهم للحديث وعدم عملهم به يسقطه من الاعتبار والحجّية ، مربوط باصول الفقه ، وباب حجيّة خبر الواحد الذي لا يفيد القطع ولا يعمل به في اصول الدين ، فإنّ الأخبار الضعيفة إذا وصلت بحدّ التواتر المعنوي أو الإجمالي حجّة في الفروع وفي اصول الدين وإن لم يوجد عامل بمضمون كلّ واحد منها ، والأخبار الصحيحة أيضا إذا كان فيها ما أعرض عنه الأصحاب لم يحتجّ به في الفقه ، إلّا أنّه لا يحصل القطع بذلك بوضعه وعدم صحّة سنده ، فلا يستدلّ به على وضع الحديث وردّه وإخراجه عمّا به يتحصّل التواتر الذي هو حجّة في اصول الدين ، ولا يسوق الكلام هنا كما يساق هاهنا ، فتدبّر.
والحاصل : أنّ الإعراض لا يدلّ على الوضع مطلقا ، غير أنّ في الفروع يوجب سقوط الخبر عن الاعتبار والحجّية ، وأين هذا من الوضع؟!
إن قلت : إنّ المخالفة لاتّفاق الكل يدلّ على الوضع لا محالة.
قلت : هذا تكرار لما سبق ، وقد بان لك جوابه ، وأنّ المخالفة لاتّفاق الكلّ لا تلازم الوضع ، لإمكان صدور الخبر تقيّة.
ثم لا يخفى عليك الفرق بين مخالفة جميع مضمون الحديث لاتّفاق الكلّ أو بعضه ؛ لأنّ في صورة مخالفة جميع مضمونه مع الاتّفاق