الأخيرة وينظر من خلال نافذة صغيرة إلى السماء إلى نقطة مضيئة في قلب الظلمات كانت تكبر وتكبر ثمّ تغمره بالسلام.
وضربت صاعقة تمثال الفارس ليهوي من فوق قبة قصر الذهب بعد أن تربع عليها زهاء قرنين من الزمن (١).
ويخيل للمرء ان فارساً يبدو في الأربعين كان يشق طريقه تحت المطر .. يغادر بغداد التي كانت في مهبّ عاصفة مطريّة.
المطر ينهمر بغزارة ، البروق تسطع بين الغيوم والرعود تدوّي .. وقد غاب الفارس ورواء النهر كما تغيب الشمس وراء السحب لتشرق كلماته الخالدة :
__________________
١. يعود تاريخه إلى تأسيس مدينة بغداد ١٤٥ هـ ـ ٧٦٢ م وقصر الذهب هو قصر الخليفة المنصور الذي يتوسّط بالضبط المدينة المدوّرة ، واالفارس بيده رمح حيث يشير إلى جميع الاتّجاهات تارة إلى الشرق أو الشمال والغرب والجنوب! وقد نسج أهالي بغداد حول ذلك اسطورة فأينما يشير الرمح فان تلك المنطقة أو الجهة تشهد قلاقل واضطرابات أو معارك على الحدود.
وقد سقط التمثال أثر عاصفة مطريّة وتعرضه لصاعقة في عام ٣٢٩ هـ ـ ٩٤١ م.