واختاره الجوهري في الإتّخاذ ، حيث ذكر أنّه افتعال من الأخذ ، إلّا أنّه أدغم بعد تبيين الهمزة وابداء التاء ، ثمّ لمّا كثر استعماله على لفظ الإفتعال توهّموا أنّ التاء أصليّة ، فبنوا منه فعل يفعل ، قالوا : تخذ يتّخذ. (١)
ولذلك قرىء في قوله تعالى حكاية عمّا جرى بين موسى والخضر على نبيّنا وعليهم السلام (لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) (٢) وقراءة ابن كثير والبصريّان : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) كذا قرأه الباقون. فالتاء حينئذ في يتّفقون زائدة.
وأمّا البصريّون وعلّامة زمخشر صاحب الكشّاف (٣) وابن الأثير (٤) ، فقد ذهبوا إلى أنّ اتّخذ افتعال من تخذ يتّخذ ، واُدغمت إحدى التائين في الاُخرى ، وليس من أخذ في شيء ، تمسّكاً بأنّ الإفتعال من أخذ يتّخذ ، لأنّ فاءها همزة ، والهمزة لا تدغم يفق.
قلت : وليس يعجبني إلّا ما ذهب إليه الجوهري فمستنده غير حاف ، وضعف مستمسكهم عليه غير خفيّ. فإنّ الهمزة إنّما يمتنع إدغامها في التاء ما دامت همزة ، والجوهري وأصحابه لا يدغمونها إلّا بعد الإبدال كما ذكر.
ثمّ الصواب في كسر الفاعل هذا أن يقال : لما جيئت التاء الأصليّة ، قيل : اتفق يتفق بفتح التاء فيهما مخفّفة ، وكسر الفاء في المضارع وفتحها في الماضي.
وحيث أنّه ليس في لغة العرب ما يصحّ إلحاق ذلك به اعتبر بناء تفق يتفق منه مثل ضرب يضرب ، كما ذكر في اتّقي يتّقي أنّه لمّا كثر استعماله توهّموا التاء من جوهر الحرف ، فقالوا : اتقى يتقي بتخفيف التاء المفتوحة فيهما.
وإذا لم يجدوا في كلامهم مثلاً ونظيراً يلحقونه به فلم يستصحّوه فحادوا عنه. قالوا : تقى
__________________
١. الصحاح : ٢ / ٥٦١.
٢. سورة الكهف : ٧٧.
٣. الكشّاف : ٢ / ٤٩٥.
٤. نهاية ابن الأثير : ١ / ١٨٣.