وأن يكون ابتدائيّة متعلّقة بالإعزاز ، والضمير المجرور عائد إلى «من» أي : من كثرتهم في إعزاز دينك ، الناشىء من قبل مظلومهم. ويختصّ ذلك على هذا التقدير بالمهاجرين.
ويجوز أن يعطف على ضيقة ، ويراد بـ«من كثرت» على هذا الأنصار ، ويكون معناه واشكر خروجهم إلى من كثرتهم في إعزاز دينك. و «من» في هذه الصورة أيضاً يحتمل التبيين ، أي : خروج الدعاة المظلومين المهاجرين إلى من كثرتهم لإعزاز الدين وهم الأنصار. والإبتدائيّة على أن يكون المظلوم بمعنى البلد الذي لا رعي ولا مرعى فيه للدواب ، أو الأرض التي لم يعاهد للزرع فقط ، أعني : مكّة زادها الله تعالى شرفاً وتعظيماً.
(٤) قوله عليه السلام : لم يثنهم
أي : لم يعطفهم ولم يزعجهم.
(٥) قوله عليه السلام : بهديهم
بفتح الهاء واسكان الدال ، أي : بسيرتهم. يقال : هدى هدي فلان ، أي : سار سيرته ، وكذلك الهدي بكسر الهاء وتسكيل الدال ، يقال : خذ في هديتك بالكسر ، أي : فيما كتب فيه من الحديث أو العمل ولا تعدل عنه. ويقال أيضاً : نظر فلان هدية أمره ، جهة أمره. وفي الحديث «واهدوا هدي عمّار». (١) أي : سيروا بسيرته ، يروى بالفتح والكسر.
(٦) قوله عليه السلام : يتّفقون عليهم
يتّفقون بإسكان التاء قبل الفاء المكسورة ، على ما في بعض نسخ الأصل : إمّا مخفّف يتّفقون على رواية «س» وهو مطاوع يوفقون.
والإتّفاق افتعال من وفق يوفق ، والأصل الاوتفاق ، كالاتّعاد من الوعد والإتّقاد من الوقود ، قلبت الواو تاءاً ثمّ اُدغمت ، ثمّ كثرة الإستعمال أوهمت أنّ التاء أصليّة ، فبني منه تفق يتفق ، كسمع يسمع ، وذلك على ما ذهبت إليه الكوفيّون.
__________________
١. راجع نهاية ابن الأثير : ٥ / ٢٥٣.