وأكبّ فلان على الأمر يفعله ، وانكبّ بمعنى [والكبّة بالضمّ جماعة من الخيل ، وكذلك الكبكبة] (١) والكبّة بالفتح : الدفعة في القتال والجري ، وكذلك كبّة الشتاء : شدّته ودفعته ، والكبّة أيضاً الزحام. (٢)
وفي النهاية الأثيريّة : فأكبّوا رواحلهم على الطريق. هكذا الرواية ، قيل : والصواب كبّوا ، أي : ألزموها الطريق. يقال : كببته فأكبّ ، وأكبّ الرجل يكبّ على عمل عمله إذا لزمه.
وقيل : هو من باب حذف الجار وإيصال الفعل. المعنى جعلوها مكبّة على قطع الطريق ، أي : لازمة له غير عادلة عنه. وتكابّوا عليها ، أي : ازدحموا وهي تفاعلوا من الكبّة بالضمّ ، وهي الجماعة من الناس وغيرهم. هذا كلام النهاية. (٣)
قلت : أكبّه الله لمنخره وعلى منخره ولوجهه وعلى وجهه على التعدية ، متكرّر الورود جدّاً في أحاديث الخاصّة والعامّة. وعندي أنّ ما في الصحاح والنهاية لا زنة له في ميزان الصحّة ، ولا وزن له في كفّه الإستقامة.
وحقّ التحقيق هناك ما في الكشّاف ، قال في تفسير قوله سبحانه : (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ) (٤) : يجعل أكبّ مطاوع كبّه ، ويقال : كببته فأكبّ من الغرائب والشواذ ونحوه قشعت الريح السحاب فأقشع ، وما هو كذلك. ولا شيء من بناء أفعل مطاوعاً ، ولا يتقن نحو هذا إلّا حملة كتاب سيبويه.
وإنّما أكبّ من باب أنفض أو ألام ، معناه دخل في الكبّ وصار ذا كبّ ، وكذلك أقشع السحاب دخل في القشع ، ومطاوع كبّ وقشع انكبّ وانقشع. انتهى كلامه. (٥)
فإذن الهمزة في أكبّ يصحّ أن تكون همزة الصيرورة ، أو همزة الدخول. وحينئذ يكون لازماً من غير أن يكون مطاوع كبّه. ويصحّ أن يكون للتعدية ، وحينئذ يكون كبّه وأكبّه
__________________
١. هذه الزيادة لم توجد في المصدر.
٢. الصحاح : ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
٣. نهاية ابن الأثير : ٤ / ١٣٨.
٤. سورة الملك : ٢٢.
٥. الكشّاف : ٤ / ١٣٩.