نتجشّم فنجعل لمؤمن بدلاً عن ذي حقّ أو بياناً له.
وفي رواية «كف» لزمني فلم اُوفره بدون لمؤمن.
(٣) قوله عليه السلام : فلم اُوفّره
العائد للحقّ ، والمقام مقام الظرف السادّ مسدّ ثاني مفعولي الفعل المحذوف بل المنوي. (١) والمعنى : من حقّ ذي حقّ لزمني لمؤمن فلم اُوفّره عليه. أي : ما وفيته حقّه وما أعطيته إيّاه.
قال المطرّزي في المغرب : وفّرت على فلان حقّه فاستوفره نحو وفيته فاستوفاه.
وكذلك الزمخشري قال في أساس البلاغة : وفّرت عليه حقّه فاستوفره نحو وفيته إيّاه فاستوفاه. (٢)
ومن لاحظ ذلك لم يلتبس عليه ما رامه الجوهري ، حيث قال في الصحاح : وفّر عليه حقّه توفيراً واستوفره أي : استوفاه. (٣)
فإنّه يعني وفّر على ذي الحقّ حقّه توفيراً ، أي : وفّاه حقّه وأعطاه إيّاه. واستوفره صاحب الحقّ أي : استوفاه منه ، فلا غبار على كلامه أصلاً.
والفيروزآبادي صاحب القاموس لم يتفطّن لمغزاه ، فسار مسير الغالطين ، وبنى على أود غلطه وسوء فهمه ، فقال : استوفر عليه حقّه استوفاه كوفّر. (٤)
فليتبصّر وليثبّت ، فإنّ من لم يؤث قسطاً من الفحص والتحصيل من المقلّدة القاصرين يتبع ظاهر القول ولا يكتنه حقيقة الأمر ، فيتوهّم أنّ قوله عليه السلام «فلم اُوفّره» غير متلئّب على كلام أئمّة اللغة ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
__________________
١. في «س» : منوى.
٢. أساس البلاغة : ص ٦٨٣.
٣. الصحاح : ٢ / ٨٤٧.
٤. القاموس : ٢ / ١٥٥.