قَالَ عُمَيْرٌ : قَالَ أَبِي : فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَقُلْتُ لَهُ : وَاللَّهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي لَأَدِينُ اللَّهَ بِحُبِّكُمْ (١٨) وَطَاعَتِكُمْ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْعِدَنِي فِي حَيَاتِي وَمَمَاتِي بِوَلَايَتِكُمْ. (١٩) فَرَمَى صَحِيفَتِيَ الَّتِي دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ إِلَى غُلَامٍ كَانَ مَعَهُ وَقَالَ : اكْتُبْ هَذَا الدُّعَاءَ بِخَطٍّ بَيِّنٍ حَسَنٍ وَاعْرِضْهُ عَلَيَّ لَعَلِّي أَحْفَظُهُ ، فَإِنِّي كُنْتُ أَطْلُبُهُ مِنْ جَعْفَرٍ حَفِظَهُ اللَّهُ فَيَمْنَعُنِيهِ.
قَالَ مُتَوَكِّلٌ : فَنَدِمْتُ عَلَى مَا فَعَلْتُ وَلَمْ أَدْرِ مَا أَصْنَعُ وَلَمْ يَكُنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ أَلَّا أَدْفَعَهُ إِلَى أَحَدٍ ثُمَّ دَعَا بِعَيْبَةٍ (٢٠) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا صَحِيفَةً مُقْفَلَةً مَخْتُومَةً فَنَظَرَ إِلَى الْخَاتَمِ وَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ فَضَّهُ وَفَتَحَ الْقُفْلَ ثُمَّ نَشَرَ الصَّحِيفَةَ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ : وَاللَّهِ يَا مُتَوَكِّلُ لَوْ لَا مَا ذَكَرْتَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَمِّي إِنَّنِي أُقْتَلُ وَأُصْلَبُ لَمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَلَكُنْتُ بِهَا ضَنِيناً ، وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ حَقٌّ أَخَذَهُ عَنْ آبَائِهِ وَأَنَّهُ سَيَصِحُّ ، فَخِفْتُ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ هَذَا الْعِلْمِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَيَكْتُمُوهُ وَيَدَّخِرُوهُ (٢١) فِي خَزَائِنِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ (٢٢) فَاقْبِضْهَا وَاكْفِنِيهَا وَتَرَبَّصْ بِهَا فَإِذَا قَضَى اللَّهُ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَا هُوَ قَاضٍ فَهِيَ أَمَانَةٌ لِي عِنْدَكَ حَتَّى تُوصِلَهَا إِلَى ابْنَيْ عَمِّي : مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَإِنَّهُمَا الْقَائِمَانِ