فِي هَذَا الْأَمْرِ بَعْدِي. (٢٣)
قَالَ الْمُتَوَكِّلُ : فَقَبَضْتُ الصَّحِيفَةَ فَلَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ صِرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى ، فَبَكَى وَاشْتَدَّ وَجْدُهُ بِهِ ، وَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَمِّي وَأَلْحَقَهُ بِآبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ وَاللَّهِ يَا مُتَوَكِّلُ مَا مَنَعَنِي مِنْ دَفْعِ الدُّعَاءِ إِلَيْهِ إِلَّا الَّذِي خَافَهُ عَلَى صَحِيفَةِ أَبِيهِ وَأَيْنَ الصَّحِيفَةُ؟
فَقُلْتُ : هَا هِيَ فَفَتَحَهَا وَقَالَ : هَذَا وَاللَّهِ خَطُّ عَمِّي زَيْدٍ ، وَدُعَاءُ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ لِابْنِهِ : قُمْ يَا إِسْمَاعِيلُ فَأْتِنِي بِالدُّعَاءِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِحِفْظِهِ وَصَوْنِهِ.
فَقَامَ إِسْمَاعِيلُ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً كَأَنَّهَا الصَّحِيفَةُ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيَّ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ ، فَقَبَّلَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ وَقَالَ : هَذَا خَطُّ أَبِي وَإِمْلَاءُ جَدِّي عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِمَشْهَدٍ مِنِّي.
فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ أَعْرِضَهَا مَعَ صَحِيفَةِ زَيْدٍ وَيَحْيَى؟
فَأَذِنَ لِي فِي ذَلِكَ وَقَالَ : قَدْ رَأَيْتُكَ لِذَلِكَ أَهْلًا فَنَظَرْتُ وَإِذَا هُمَا أَمْرٌ وَاحِدٌ وَلَمْ أَجِدْ حَرْفاً مِنْها يُخَالِفُ مَا فِي الصَّحِيفَةِ الْأُخْرَى. ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي دَفْعِ الصَّحِيفَةِ إِلَى ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ