وأمّا الوسط ـ أعني ما بين ذينك الطرفين ـ فزمان فترة الدور وزمن انقطاع العمل ، وذلك الخمسة والعشرون سنة التي كانت هي مدّة حكومة لصوص الخلافة وأمارة مقمّصيها (١).
فأمّا العشر التي كانت هي مدّة اللبث في الدوران أوّلاً ، فهي زمانه صلّى الله عليه وآله وسلّم في طيبة المباركة التي هي دار هجرته ، ومستقرّ شوكة الإسلام ، وقوّته من بعد ضعفه وتأنأته (٢) ، ومن لم يستطع إلى ما تلوناه عليك سبيلاً ، تحامل محملاً وعراً وطريقاً سحيقاً بعيداً. (٣)
(٢٧) قوله عليه السلام : من مهاجرك
بفتح الجيم على هيئة المفعول بمعنى اسم المكان ، ومعناه وقت المهاجرة.
(٢٨) قوله : نيفاً
النيف فتح النون واسكان الياء المثنّاة من تحت ، تخفيف النيّف بتشديد الياء المكسورة ، كما في سائر النظائر ، ومنها ما في الحديث : «المؤمنون هيّنون ليّنون» والنيّف ما بين العقدين من عقود العشرات في مراتب العدد فوق العقد الأوّل إلى البلوغ على العقد الثاني.
وأصله نيوف على فعيل من النوف ، كما الخير من الخور ، والسيّد من السود ، والصيّب من الصوب ، والصيّت من الصوت ، والنيّر من النور ، والديّر من الدور. لا فعل من النيّف ، كما الخير من الخيّر ، والأيد من الأيّد ، والسير من السيّر ، والدير من الديّر.
قال في المغرب : النيّف بالتشديد كلّ ما كان من عقدين ، وقد يخفّف وأصله من الواو ، وعن المبرّد النيّف من واحد إلى ثلاثة ، وفي الحديث أنّه عليه السلام ساق مائة بدنة ، نحر منها نيّفاً وستّين ، وأعطى عليّاً عليه السلام الباقي ، وفي شرح الآثار : ثلاثاً وستّين ، ونحر علي عليه السلام سبعاً وثلاثين. انتهى كلام المغرب.
__________________
١. في «ط» مبغضيها.
٢. من الأنين والتأوّه.
٣. إشارة إلى ما ذكره ابن الأثير في جامع الاُصول : ١٢ / ٣٨٩ فراجع.