قال في المفردات : ويكنّى بالقلّة تارة عن الذلّة ، اعتباراً بما قال الشاعر :
وإنّما العزّة للكاثر
وعلى ذلك قوله تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ) (١).
يكنّى بها تارة عن العزّة ، اعتباراً بقوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) (٢) (وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ) (٣) وذلك أنّ كلّ ما يعزّ يقلّ وجوده. (٤)
ثمّ قال : تقدّم أنّ الكثرة والقلّة تستعملان في الكمّيّة المنفصلة كالأعداد ، وليس (٥) الكثرة إشارة إلى العدد فقط ، بل إلى الفضل ، يقال : عدد كاثر ، ورجل كاثر إذا كان كثير المال ، قال الشاعر :
ولست بالأكثر منه حصى |
|
وإنّما العزّة للكاثر |
والمكاثرة والتكاثر التباري في كثرة المال والعزّ ، قال الله تعالى : (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) وفلان مكثور ، أي : مغلوب في الكثرة. انتهى كلام المفردات. (٦)
وقال في الكشّاف في قوله تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ) : «إذ» مفعول به غير ظرف ، أي : واذكروا على جهة الشكر وقت كونكم قليلاً عددكم ، فكثّركم الله ووفّر عددكم.
قيل : إنّ مدين بن إبراهيم تزوّج بنت لوط فولدت ، فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء فكقروا وفشوا. ويجوز إذ كنتم مقلّين فقرأ فكثّركم فجعلكم مكثرين موسرين إذ (٧) كنتم أذلّة فأعزّكم بكثرة العدد والعُدد. انتهى قول الكشّاف. (٨)
وقال في أساس البلاغة : رجل مكثور مغلوب في الكثرة. (٩)
__________________
١. سورة الأعراف : ٨٦.
٢. سورة السبأ : ١٣.
٣. سورة ص : ٢٤.
٤. مفردات الراغب : ٤١٠.
٥. في المصدر : وليست.
٦. مفردات الراغب : ص ٤٢٦.
٧. في المصدر : أو.
٨. الكشّاف : ٢ / ٩٤.
٩. أساس البلاغة : ص ٥٣٦.