وقال في القاموس : كاثروهم فكثروهم غالبوهم في الكثرة فغلبوهم. (١)
وقال ابن الأثير الجزري في النهاية : وفي الحديث : «إنّكم لمع خليفتين ما كانتا مع شيء إلا كثّرناه». أي : غلبناه بالكثرة وكانتا أكثر منه. يقال : كاثرته فكثرته إذا غلبته وكنت أكثر منه. ومنه حديث مقتل الحسين عليه السلام : «ما رأينا مكثوراً أجرأ مقدّماً منه». المكثور : المغلوب ، وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه. أي : ما رأينا مقهوراً أجرأ إقداماً منه. انتهى كلام النهاية. (٢)
الثاني : أن يكون من الكثرة والقلّة بالكمّيّة الإنفصاليّة في العدد ، أو الزيادة والنقصان بالتوفّر في العدد ، على أن يكون «على من قلّ» في موضع الحال من ضمير المفعول ، أو «على» بمعنى مع ، أي : كثّرنا بمنّه عَدداً وعُدداً ، والحال أنّا نحن من قلّ حيث كنّا قليلين مقلّين ، أو مع من قلّ ، أي : مع قليل من الأعوان والأنصار بالعدد على سياق ما في التنزيل الحكيم : (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (٣) ولكن ما هناك بالقياس إلى ضمير الفاعل دون ضمير المفعول.
قال في الكشّاف : الضمير في (اخْتَرْنَاهُمْ) لبني إسرائيل ، و (عَلَىٰ عِلْمٍ) في موضع الحال ، أي : عالمين بمكان الخيرة ، أو بأنّهم أحقّاً بأن يختاروا.
ويجوز أن يكون المعنى مع علم منّا بأنّهم يزيغون ويفرط منهم الفرطات في بعض الأحوال (عَلَى الْعَالَمِينَ) على عالمي زمانهم. (٤) انتهى. فليتضبّط ثمّ ليثبّت.
(٤) قوله عليه السلام : كما نصب لأمرك نفسه
نصب الشيء إذا أقمته ، والنصب ـ بالتحريك ـ التعب. والمراد إذا قام نفسه مقام المشقّة لإنفاذ أمرك.
قال ابن الأثير في النهاية : النصب إقامة الشيء ورفعه ، وفيه ـ أي : وفي الحديث ـ
__________________
١. القاموس : ٢ / ١٢٤.
٢. نهاية ابن الأثير : ٤ / ١٥٢ ـ ١٥٣.
٣. سورة الدخان : ٣٢.
٤. الكشّاف : ٣ / ٥٠٤.