أسئلة وغيرها كثير لم يجب عنها القدماء بشيء .. ولهم عذرهم من مواضعات زمانهم ، وما أكثر الكتب التي غلطوا في عناوينها وفي نسبتها الى أصحابها وفي أسماء أعلام كبار .. ناهيك عن بلداتهم وأصولهم وتواريخ ولادتهم ووفياتهم.
وإذا كان للقدماء عذرهم ، فلا عذر لأبناء هذا الجيل في الانصراف عن العلوم النافعة الى الغثّ مما تلقيه مطبوعات تجارية لا تقدم أدنى نفع لنا ولا لأجيالنا القادمة ..
لقد أصبح العالم قرية واضحة المعالم .. أفمن المعقول أن نظل حبيسي أطر ضيقة في التعامل معه ومع قضايا تراثنا وكتبه المبثوثة في مكتبات العالم سواء ما كان منها مكتبات عامة ، أم ما كان مكتبات خاصة لعوائل وشخصيات هنا وهناك وهنالك؟!
والظاهر أن للظروف حكمها في هذا المجال ، كما في مجالات أخرى .. فأثناء اشتغالي أستاذا في جامعة وهران في الجزائر ما بين عامي (١٩٧٣ / ١٩٨٤) اطلعت على مكتبة غنية بالمخطوطات القديمة والآثار النفيسة ، تعود للشيخ بن عاشور أحمد بن عبد القادر التيهرتي نزيل غرداية. والذي تكرم فأطلعني على محتويات جملة صالحة من تلك الذخائر والنفائس.
في تلك المكتبة نسختان فريدتان من معجم طبي لم أكن أدرك مدى أهميته لو لا أني تصفحته بنسختيه ، وأدركت أني أمام كنز حقيقي من العلوم الطبية والمعارف الفلسفية النادرة والأساليب التجريبية في العلاج .. كل ذلك على شكل معجم مرتّب على أساس حروف الألف باء (أ. ب. ت .. الخ). وقد أثبتت جهودي اللاحقة أن هاتين النسختين هما النسختان الوحيدتان للكتاب