فالكتاب الذي بين أيدينا خير شاهد على ما أقول .. بما فيه من نظريات علمية رصينة بإمكانها ـ إذا أحسنّا التّعامل معها ـ أن تقدم لنا نفعا جليلا في هذا السباق الحضاري المعاصر.
قلنا أن كتب الأقدمين لم تقدم لنا عن هذا العالم الجليل إلّا سطورا أربعة ، أمّا تلك السّطور الأربعة فهذا نصّها :
(هو أبو محمّد عبد الله بن محمّد الأزدي .. ويعرف بابن الذهبيّ .. أحد المعتنين بصناعة الطّبّ ومطالعة كتب الفلاسفة ، وكان كلفا بصناعة الكيمياء ، مجتهدا في طلبها. وتوفي ببلنسية" من ديار الأندلس" في جمادى الآخرة سنة ستّ وخمسين وأربعمائة. ولابن الذهبيّ من الكتب : مقالة في أنّ الماء لا يغذو) (عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة ص ٤٩٧ طبعة صيدا / لبنان ١٩٦٥).
ثم انتهى الكلام!
فماذا نفهم من النّصّ السابق؟
لا شيء تقريبا .. فما معنى أن له مقالة في أنّ الماء لا يغذو؟ وأين هي تلك المقالة؟ وما حجمها؟ ومادّتها؟ وما علاقة هذه المقالة بكونه كلفا بصناعة الكيمياء؟ وما علاقتها بالطّبّ الذي كان الأزديّ أحد المعتنين به؟ وما الصلة بينها وبين مطالعته لكتب الفلسفة على ما يقوله النّصّ السابق؟
ثمّ من أين جاء هذا الرجل الى بلنسية؟ وهل انشقت عنه الأرض فجأة؟ أم ألقته الرّيح هناك؟
وما تفصيلات حياته؟ وعلى من درس؟ وممن أخذ علومه؟ وهل كان له تلامذة وهل ترك آثارا أخرى؟ وهل مارس الطّبّ فعلا؟ وهل كتب فيه؟