الذي هو ـ بشكل أو آخر ـ بمثابة إحدى مقدمات المؤلّف للكتاب.
ثم قسّم كتابه الى أبواب ، يحمل كل باب اسم الحرف الذي تبتدئ به الألفاظ المذكورة فيه ، وذلك بحسب حروف (أ. ب. ت. ث .. الخ ..) كما ذكرنا قبل قليل. ووضع في كل باب الجذور اللغوية التي تبدأ بذلك الحرف .. فتجد (أكل) في حرف الهمزة ، و (بصر) في حرف الباء و (طعن) في حرف الطّاء و (نظر) في حرف النون .. وهكذا جريا على نهج المعجمات اللغوية. والظاهر أنه أول من استخدم هذا المنهج ، كما كان الخليل الأزدي أول من وضع معجما لغويا وأول من رتب عمله على أساس أصوات الحروف التي تبتدئ بها الكلمة.
فأما أنّ أبا محمد الأزدي هو أول من استخدم هذا المنهج في كتابة معجم" طبيّ" فذلك أمر لا شكّ فيه .. وبخاصّة أننا لم نطلع ـ بعد ـ على كتاب وضعه ابن سينا باسم" لسان العرب" وذلك قبل" كتاب الماء" بسنوات قليلة. وبما أن الكتاب منصرف الى الطب ، وبما أن مؤلفه" أحد المعتنين بصناعة الطب" فان المؤلف وضع في الجذور اللغوية كل علومه المتعلقة بالطب وأنبأ عن علوم أخرى كالكيمياء والفلك والفلسفة والمنطق .. بأسلوب مشرق رصين يؤكد أن المؤلف ذو مكنة لغوية عالية ، تلوح فيها أحيانا تأثيرات مهنة الطب ومصطلحاتها ، مع وضوح جهد المؤلف في صياغة مادّة الكتاب باللغة العربية العالية.
ويبدو بجلاء أن المؤلف قد أفاد كثيرا من" كتاب العين للخليل" ولا نستبعد أن يكون حافظا للكتاب ، أو أنه كان يعتمد على بعض من نسخه وهو يؤلف كتابه هذا .. وإنما نحتمل هذا الاحتمال الأخير لأن بعضا من النصوص التي