ثم إن النبي صلىاللهعليهوسلم استيقظ وحضرت الصبح ، فالتمس الماء ، فلم يوجد ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) إلى قوله (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). وكان ذلك في غزوة المريسيع.
فقال أسيد بن حضير : لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر.
وروى الطبراني عن عائشة قالت : لما كان من أمر عقدي ما كان ، وقال أهل الإفك ما قالوا ، أخرجت مع رسول الله في غزوة أخرى فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه ، فقال لي أبو بكر : بنيّة في كل سفر تكونين عناء وبلاء على الناس ، فأنزل الله الرخصة في التيمم ، فقال أبو بكر : إنك لمباركة.
ذكر السيوطي بعد هذا تنبيهين هما بإيجاز :
الأول ـ هل المراد بآية التيمم آية المائدة هذه (٦) أو آية النساء ونصهما واحد : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ، فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ، فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [الآية ٤٣]؟ الذي مال البخاري إليه : أنها آية المائدة ، قال السيوطي : وهو الصواب للتصريح بها في الطريق المذكور في رواية البخاري عن عائشة. علما بأن الواحدي أورد هذا الحديث في أسباب النزول عند ذكر آية النساء أيضا.
الثاني ـ دل حديث البخاري على أن الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول هذه الآية ، ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء ، والثابت في السيرة أنه صلىاللهعليهوسلم لم يصلّ منذ فرضت عليه الصلاة إلا بوضوء. قال ابن عبد البر : والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ، ليكون فرضه متلوا بالتنزيل. وقال غيره : يحتمل أن يكون أول الآية نزل مقدما مع فرض الوضوء ، ثم نزلت بقيتها ، وهو ذكر التيمم في هذه القصة. قال السيوطي : الأول أصوب فإن فرض الوضوء كان مع فرض الصلاة بمكة ، والآية مدنية.