المناسبة :
هناك عهدان بين العبد وربه : عهد الربوبية ، وعهد الطاعة ، وبعد أن وفي تعالى للعبد بالعهد الأول ، فبين له الحلال والحرام في الطعام والزواج ، طلب من العباد الوفاء بالعهد الثاني ، وهو عهد الطاعة ، وأعظم الطاعة بعد الإيمان الصلاة ، والصلاة لا تصح إلا بالطهارة ، فذكر فرائض الوضوء ، ثم ذكّرنا بوجوب الوفاء بالعهد والميثاق وهو السمع والطاعة لله ولرسوله. روى أبو داود الطيالسي وأحمد والبيهقي عن جابر عن النبيصلىاللهعليهوسلم : «مفتاح الجنة الصلاة ، ومفتاح الصلاة الطهور».
وبعبارة أخرى : للإنسان شهوات فطرية تنحصر في المطعومات والمناكحات ، له الحق في التمتع بها بنظام ، وعليه واجبات يلزمه أداؤها. وبعد أن بيّن تعالى للإنسان ما أحله له وما حرمه عليه من المطاعم والمناكح ، شرع في بيان ما يجب عليه أداؤه لله تعالى ، شكرا له على ما أنعم به عليه ، فمضمون هذه الآية داخل فيما أمر به من الوفاء بالعقود وأحكام الشرع ، وفيما ذكر من إتمام النعمة ومنها رخصة التيمم.
التفسير والبيان :
يا أيها الذين آمنوا إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون ـ وهذا القيد ثبت في السنة النبوية ـ فعليكم بالوضوء ، إذ لا يقبل الله صلاة بغير طهور ، فإذا كان مريد الصلاة محدثا وجب عليه الوضوء ، وإذا كان متوضئا فهو مندوب ، لقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه رزين : «الوضوء على الوضوء نور على نور». روى أحمد والشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعا : «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» وروى البخاري وأصحاب السنن عن عمرو بن عامر الأنصاري قال : سمعت أنس بن مالك يقول : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم يتوضأ عند كل صلاة ، قال : قلت : فأنتم كيف تصنعون؟ قال : كنا نصلي الصلوات بوضوء