على أنفسهم وأموالهم ، ويتمتعون بالحرية الكاملة. وفي أثناء الحياة القائمة على التعايش السلمي نقضوا العهد وخانوا النبي وانضموا إلى معسكر قريش واشتركوا مع العرب في حرب المسلمين ، فاكتفى النبي صلىاللهعليهوسلم بطردهم من جواره. وفي نهاية الأمر لم يعاقب النبي اليهود على خيانتهم وغدرهم ، ولكنه أوصى بإجلائهم من جزيرة العرب ومنها الحجاز.
ثم ذكر الله تعالى ميثاقه مع النصارى ، فقال : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا : إِنَّا نَصارى ..) أي وكذلك أخذنا العهد والميثاق على النصارى على متابعة الرسول صلىاللهعليهوسلم ومناصرته ومؤازرته واقتفاء آثاره ، وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله إلى الناس ، ففعلوا كما فعل اليهود ، بدلوا دينهم ، وخالفوا المواثيق ، ونقضوا العهود ، لهذا قال تعالى :
(فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ، فَأَغْرَيْنا ..) أي تركوا العمل بأصول دينهم رغبة عنه ، فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضا ، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة ، فإن طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم ، لا يزالون متباغضين متعادين ، يكفّر بعضهم بعضا ، ويلعن بعضهم بعضا. وسينبئهم الله يوم القيامة بما صنعوا في الدنيا ، وهذا تهديد ووعيد أكيد للنصارى على ما ارتكبوه من الكذب على الله وعلى رسوله ، وعلى ما نسبوه إلى الرب عزوجل من اتخاذ الصاحبة والولد والشريك ، ويجازيهم على ذلك بقدر ما يستحقون حتما في الآخرة.
والمعروف تاريخيا حتى عند النصارى أنفسهم كما أوضحت أن المسيح لم يكتب مواعظه وتعاليمه ، ثم توفي ، ولم يكن هناك إنجيل مكتوب ، وقد اضطهد اليهود أتباعه وشردوهم وقتلوا أكثرهم ، وعلى التخصيص الحواريين الذين كانوا صيادين. وعند ما دخل قسطنطين الملك في الديانة المسيحية ، وهدأت الحملة ضد النصارى ، أخذوا يكتبون الأناجيل ، وهي كثيرة ومختلفة ومتباينة ، ولم تظهر