والأرض وما بينهما من عالمي الإنس والجن ، وجميع الموجودات ملكه وخلقه.
والله هو الذي يخلق الأشياء من العدم حسبما يشاء ، وعلى وفق حكمته وإرادته ، فقد يخلق من تراب من غير أب ولا أم مثل خلق أبينا آدم عليهالسلام وخلق أصول أنواع الحيوان ، وقد يخلق من أب فقط دون أم كخلق حواء ، وقد يخلق من أم بلا أب مثل خلق عيسى عليهالسلام. وهذا رد على شبهة النصارى الذين زعموا أن المسيح بشر وإله ، له طبيعة بشرية وطبيعة ناسوتية إلهية وهي الغالبة ، لكونه خلق على نحو غير معتاد من أم فقط ، ولأنه يخلق من الطين كهيئة الطير ، وصدرت عنه أعمال عجيبة لا تصدر من بشر. وهي في الحقيقة معجزات خارقة للعادة يجريها الله على يد الأنبياء قاطبة ، وهي تحدث بإذن الله ومحض إرادته ، لتكون دليلا مؤيدا على صدق النبوات ، وصدور تلك المزايا من عيسى وغيره لا تجعل المخلوق خالقا ؛ لأنها بمشيئة الخالق.
فقد أيد الله موسى عليهالسلام بالعصا واليد البيضاء ؛ لأن السحر كان سائدا في عصره ، وأيد الله عيسى عليهالسلام بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ؛ لأن الطب كان متقدما في زمنه ، وأيد الله محمدا صلىاللهعليهوسلم بمعجزات كثيرة كانشقاق القمر ، وكانت معجزته الخالدة القرآن في أرقى مستوى من البلاغة والفصاحة ؛ لأنه بعث بين العرب الذين امتازوا بفصاحة القول نثرا وخطابة وشعرا ، فليس إحياء عيسى للموتى ـ وكان ذلك في حوادث فردية معدودة ـ سببا للتأليه ، فقد أقر بأنه عبد الله ورسوله ، وأنه يحيي الموتى بإذن الله ، أي بتوفيقه وإرادته وحكمته.
والله هو القادر على كل شيء ، وهو خالق كل شيء ، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ثم رد الله تعالى على ادعاء اليهود والنصارى القائلين : نحن أبناء الله وأحباؤه أي نحن منتسبون إلى أنبيائه ، وهم بنوه ، وله بهم عناية ، وهو يحبنا ، ونقلوا عن