كتابهم أن الله تعالى قال لعبده إسرائيل : (أنت ابني بكري) وقال عيسى في الإنجيل للنصارى : (إني ذاهب إلى أبي وأبيكم) يعني ربي وربكم ، وجاء في إنجيل متّى في وعظ المسيح على الجبل واصفا الملائكة والمؤمنين الصالحين : (طوبى لصانعي السلام ؛ لأنهم أبناء الله يدعون) وقال بولس في رسالته إلى أهل رومية : (لأن كل الذين ينقادون بروح الله ، فأولئك هم أبناء الله) فابن الله في كتبهم بمعنى حبيب الله ، وحملوا هذا على غير تأويله وحرفوه ، ورد عليهم عقلاؤهم الذين أسلموا بأن هذا يطلق على التشريف والإكرام.
ومن المعلوم أنهم لم يدعوا لأنفسهم من البنوة ما أدعوها في عيسى عليهالسلام ، وإنما أرادوا من ذلك معزتهم لدى الله ، وحظوتهم عنده ، فقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه.
فرد الله عليهم عن طريق نبيه : قل لهم : إذا كان الأمر كما زعمتم ، فلم يعذبكم الله بذنوبكم في الدنيا ، كتخريب الوثنيين مسجدكم الأكبر وبلدكم بيت المقدس ، وإزالة ملككم من الأرض ، وفي الآخرة التي أعد لكم فيها نار جهنم على كفركم وكذبكم وافترائكم؟ والأب لا يعذب ابنه ، والحبيب لا يعذب حبيبه ، فلستم إذن أبناء الله ولا أحباؤه ، بل أنتم بشر من جملة ما خلق ، ولا يحابي أحدا من عباده ، وإنما يغفر لمن يشاء ممن يستحق المغفرة وهم أهل الطاعة ، ويعذب من يشاء ممن يستحق العذاب ، وهم العصاة ، وهو فعال لما يريد ، لا معقّب لحكمه ، وهو سريع الحساب ، فارجعوا عن غروركم بأنفسكم وسلفكم وكتبكم ، فهذا لا ينفعكم ، وإنما الذي ينفعكم الإيمان الصحيح ، ومنه الإيمان برسالة الإسلام ، وصالح الأعمال.
والله المالك المطلق والمتصرف المطلق في السموات والأرض وما بينهما ، وجميع المخلوقات عبيد له ، وهم ملكه وتحت قهره وسلطانه : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ