وتساءل الزمخشري وغيره : كيف يوفق بين قوله (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) وبين قوله (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) وأجابوا بوجهين :
أحدهما ـ أن يراد كتبها لكم بشرط أن تجاهدوا أهلها ، فلما أبوا الجهاد قيل : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ).
والثاني ـ أن يراد فإنها محرمة عليهم أربعين سنة ، فإذا مضت الأربعون ، كان ما كتب(١).
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت هذه القصة تقريع اليهود وبيان فضائحهم ومخالفتهم لله ولرسوله ، ونكولهم عن طاعتهما فيما أمر به كل منهما من الجهاد ، فضعفت أنفسهم عن مقاتلة الأعداء ، مع أن معهم موسى كليم الله يعدهم بالنصر والظفر بأعدائهم ، بالرغم مما شاهدوا من فعل الله بعدوهم فرعون من إغراقه مع جنوده في اليم ، وهم ينظرون ، لتقر به أعينهم.
وإذا كان أسلافهم تمردوا على موسى وعصوه ، فكذلك أحفادهم تمردوا على محمدعليهالسلام ، وهو تسلية له.
وهذا يدل على قبح طبائع اليهود وإمعانهم في مخالفة أوامر الله ، بالرغم من تذكير موسى لهم بنعم الله الكثيرة عليهم وأهمها ثلاث :
١ ـ بعث كثير من الأنبياء في بني إسرائيل.
٢ ـ وجعلهم ملوكا : أي يملكون أمرهم لا يغلبهم فيه غالب ، بعد أن كانوا مملوكين لفرعون مقهورين ، فأنقذهم الله وأغرق عدوهم.
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤٥٤ وما بعدها ، التفسير الكبير للرازي : ١١ / ١٩٧ ـ ١٩٩