٣ ـ وإعطاؤهم ما لم يعط أحد من عالمي زمانهم.
وقد أمرهم موسى بمجاهدة الأعداء من الكنعانيين الجبارين في فلسطين ، وبدخول الأرض المقدسة (المطهرة أو المباركة) فتمردوا وأبوا الدخول ، بالرغم من تبشير الرجلين الصالحين من النقباء (يوشع وكالب) لهم بالنصر والغلبة والفتح ، وقالا : ولا يهولنكم عظم أجسامهم ، فقلوبهم ملئت رعبا منكم ، فأجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة.
وتمادوا بعناد وإفراط على الله ، فرفضوا الدخول إلى الأرض المقدسة وقالوا لموسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا ، إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) وهذا منهم كفر ؛ لأنهم شكّوا في رسالة موسى.
فدعا موسى عليهالسلام عليهم ، وطلب فصل القضاء بينه وبينهم. فاستجاب الله دعاءه وعاقبهم في التيه أربعين سنة ، ومات هارون وموسى في التيه. روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة قال : أرسل ملك الموت إلى موسى عليهالسلام ، فلما جاءه صكّه ففقأ عينه ، فرجع إلى ربه ، فقال : «أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت» قال : فرد الله إليه عينه وقال : «ارجع إليه ، فقل له : يضع يده على متن ثور ، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة» قال : «أي رب ثم مه» قال : «ثم الموت» قال : «فالآن» فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فلو كنت ثمّ ، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر». وفعل موسى مع الملك ؛ لأنه لم يعرفه ، وأنه رأى رجلا دخل منزله بغير إذنه ، يريد نفسه ، فدافع عن نفسه ، فلطم عينه ، ففقأها.
وكان العقاب الإلهي لبني إسرائيل المتمردين عن الطاعة هو تصفيتهم وتجديد بنية الشعب ، وظهور جيل جديد من الشباب يتحملون المسؤولية ، وكانوا أهلا للجهاد ومقاومة الجبارين ، وجعلهم أئمة وارثين.