علمهم بها ، وإسرافهم في القتل ، وغلظة نفوسهم في الماضي وفي عهد النبوة ، مثل فعل بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع من اليهود حول المدينة ، الذين كانوا يقاتلون مع الأوس والخزرج في حروب الجاهلية ، ويقاتلون مع المشركين في حروبهم ضد المسلمين بعد الهجرة.
ومضمون التوبيخ : أن رسل الله الكرام جاءوهم بالبينات ، أي بالحجج والبراهين والدلائل الواضحة الدالة على الأحكام المقررة عليهم ، المستهدفة تهذيب نفوسهم وتطهير أخلاقهم ، ومع ذلك كان الكثيرون منهم مسرفين في القتل وفي ارتكاب جرائم البغي والعدوان. وهذا وإن كان صادرا من أسلاف اليهود في الماضي ، فهو منسوب أيضا إلى الأمة بكاملها لرضا الخلف عن فعل السلف ، فكانت الأمة متكافلة متضامنة فيما بينها كالجسد الواحد.
فقه الحياة أو الأحكام :
العبرة في قصة ابني آدم أن الحسد كان سبب أول جريمة قتل في البشر ، وأنه هو أسّ المفاسد والمعايب والرذائل في المجتمع ، فالأمة المتحاسدة متمزقة متعادية متباغضة ، لا تجتمع على خير ، ولا تلتقي على فضيلة ، ولا تتعاون على برّ وصلاح وتقدم ، مما يؤدي إلى الضعف والذل والهوان وعبودية أفرادها لمن سواهم.
والمستفاد من الآية أنه إن همّ اليهود بالفتك بمحمد ، فليس ذلك جديدا عليهم ، فقد قتلوا الأنبياء قبله ، وقتل قابيل هابيل ، والشر قديم ، والتذكير بهذه القصة مفيد ؛ لأنها قصة صدق ، وليست حديثا موضوعا من نسج الخيال ، وفيها تبكيت لمن خالف الإسلام ، وتسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم.
وجمهور المفسرين على أن ابني آدم هما ابناه لصلبه ، وهما قابيل وهابيل ؛ وكان قربان قابيل حزمة من سنبل ؛ لأنه كان صاحب زرع ، واختارها من أردإ زرعه ، بل إنه وجد فيها سنبلة طيبة ففركها وأكلها ؛ وكان قربان هابيل كبشا ؛