وقيل : نزلت في قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد ، فنقضوا العهد ، وقطعوا الطريق على المسلمين.
ولا مانع من تعدد سبب النزول ، وهي تتناول كل من اتصف بصفة المحاربة ، سواء أكان كافرا أم مسلما ، فإن كانت الآية قد نزلت في الكفار ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى خطورة جريمة القتل وأن من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا ، وما رتب عليه من تشريع القصاص ، ذكر هنا عقاب المحاربين الذين يفسدون في الأرض ويرتكبون القتل غالبا ، حتى لا يجرأ أحد على المحاربة.
التفسير والبيان :
هذه آية المحاربة وهي المضادة والمخالفة الشاملة لجريمة الكفر وقطع الطريق وإخافة السبيل والإفساد في الأرض ، وبما أن هذه الجريمة تمس أمن المجتمع كله وتهز كيانه وتنشر الرعب والقلق والخوف في أوساط الناس الآمنين ، شدد الله تعالى في عقوبة المحاربين : وهم الذين لهم قوة ومنعة وشوكة ، ويتعرضون للمارة من المسلمين أو أهل الذمة ، ويعتدون على الأرواح والأموال والأعراض.
وعقابهم أو جزاؤهم على سبيل الترتيب والتوزيع على حسب جناياتهم ، وتكون (أَوْ) للتنويع ، فمن قتل وأخذ المال قتل وصلب ، ومن أخذ المال فقط قطعت يده ورجله من خلاف ، ومن أخاف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ مالا ، نفي من الأرض. وهذا رأي أكثر العلماء وأئمة المذاهب.
وقال المالكية : الآية تدل على التخيير بين الجزاءات ، عملا بما تقتضيه (أَوْ) فيخير الإمام بين تطبيق إحدى هذه العقوبات حسبما يرى من المصلحة ،