فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت آية المحاربة حكمين : حكم عقاب المحاربين ، وحكم التائبين.
أما عقوبتهم في الدنيا : فهي القتل ، والصلب ، وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف ، والنفي من الأرض أي الحبس أو الإبعاد من بلده إلى بلد آخر بينهما على الأقل مسافة قصر الصلاة المقدرة بحوالي ٨٩ كم.
ولا خلاف في أن الحرابة يقتل فيها من قتل ، وإن لم يكن المقتول مكافئا للقاتل.
ونصت الآية على عقوبة أخروية : وهي استحقاق العذاب في نار جهنم ، لعظم الجريمة ، واقتصر على وصف عقوبة الدنيا بالخزي أي الذل والفضيحة مع أن لهم فيها عذابا أيضا ، وعلى وصف عقوبة الآخرة بالعذاب العظيم مع أن لهم فيها خزيا أيضا ؛ لأن الخزي في الدنيا أعظم من عذابها ، والعذاب في الآخرة أشد من خزيها.
ويؤخذ من الجمع بين العقوبتين المذكورتين للمحاربين : أن الحدود لا تسقط العقوبة في الآخرة ، فالحدود زواجر لا جوابر كما هو صريح الآية ، وهذا مذهب الحنفية. وقال الجمهور : الحدود جوابر أيضا ، أي أنها تجبر الذنوب وتكفرها ، لما رواه مسلم في صحيحة عن عبادة بن الصامت : «من أصاب من هذه المعاصي شيئا فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب شيئا من ذلك ، فستره الله ، فأمره إلى الله : إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه».
وأما حكم التائبين قبل القدرة عليهم : فهو حكم سائر المجرمين العاديين ، فمن قتل يقتل أي يقتص منه ، ومن جرح يجرح ، أو يغرم الأرش (التعويض المالي المقدر شرعا) ومن سرق تقطع يده ، ومن سلب مالا رده ، ويجوز العفو حينئذ لأولياء الدم عنهم.